مقالات

الصياد الذي أحبط مؤامرة العلم الكاذب للهند

همايون عزيز سانديلا

في أعقاب هجوم باهالغام في 22 أبريل 2025، الذي أودى بحياة 26 مدنيًا هنديًا ومواطن نيبالي واحد، سارعت نيودلهي إلى اتباع نهج مألوف: إلقاء اللوم على باكستان أولًا، ثم طرح الأسئلة لاحقًا. رفضت باكستان هذا الادعاء.

ووصفت الحادثة بأنها عملية مُضللة. هذا النمط أصبح متسقًا لدرجة يصعب تجاهلها. التصعيد السريع من جانب الهند، وتوافقها الإعلامي، ورفضها السماح لطرف ثالث بالتحقق، لا يشير إلى غضب عفوي، بل إلى استراتيجية سياسية مُدربة.

وفقًا لمؤشر متتبع صراعات جنوب آسيا التابع لمجلس العلاقات الخارجية، فإن رد فعل الهند بعد باهالغام كان مطابقًا لدورة تصعيدية ثابتة: استنفار عسكري، وهيمنة سردية، واتهام استباقي، وكلها تُشن قبل أي تأكيدات جنائية. هذه ليست دبلوماسية تحقيقية، بل مسرحية سياسية معدّة مسبقًا.

استمر هذا النمط في أوائل مايو مع عملية سيندور، عندما شنت الهند ضربات عبر الحدود على باكستان. لم تحقق العملية المكاسب الاستراتيجية التي توقعتها نيودلهي. لم تكتفِ باكستان بامتصاص الهجوم، بل اكتسبت أرضية دبلوماسية، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي.

حيث واجهت الهند صعوبة في تقديم أدلة موثوقة أو مبرر متناسب. ضبط النفس الباكستاني قوّض مساعي الهند لتصوير نفسها كطرف مظلوم يسعى إلى انتقام مبرر.

في هذا السياق، تكتسب المزاعم الأخيرة الصادرة عن إسلام آباد أهمية خاصة. فقد كشف وزير الإعلام الباكستاني عطا طرار في الأول من نوفمبر 2025 أن السلطات الهندية احتجزت صيادًا باكستانيًا يُدعى إعجاز ملاح،

وأجبرته على القيام بمهام تجسس، في إطار ما وصفته إسلام آباد بمحاولة عملية “راية كاذبة”. هذه الحادثة ليست انتهاكًا منفردًا، بل استمرارًا لاستراتيجية: عندما تفشل الأدلة الحقيقية، يُبنى بديل.

يُعدّ هذا التوقيت مفيدًا سياسيًا للهند. فمع اقتراب موعد انتخابات ولاية بيهار في 11 نوفمبر 2025، لاحظ محللون، نقلاً عن موقع “بوليسي واير” في 30 أبريل 2025، أن الدورات الانتخابية المحلية في الهند غالبًا ما تتزامن مع تصاعد الخطابات المتعلقة بالأمن القومي. تحظى القومية بتأييد واسع في بيهار، كما أن تصوير باكستان كتهديد يعزز شعبية الحكومة.

حذّرت حلقة نقاشية عقدها مجلس العلاقات الخارجية في 15 مايو 2025، بمشاركة السفير الأمريكي السابق لدى الهند كينيث جاستر، من أن سياسة الهند تجاه باكستان تتشكل بشكل متزايد بدوافع سياسية محلية، لا بالضرورة العسكرية.

وأكدت الحلقة أن اختلاق الأزمات لتحقيق مكاسب انتخابية ليس مجرد تهور، بل يُزعزع الاستقرار أيضًا.

تؤكد دراسة معهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام آباد في 29 أبريل 2025 أن عمليات “الراية الكاذبة” الهندية أصبحت جزءًا روتينيًا من الحرب الهجينة. عندما يصبح المدني أداة في يد الدولة، ينهار الحد التقليدي بين الاستخبارات والدعاية.

لا تزال الهند تقدم نفسها كقوة ديمقراطية مستقرة في المنطقة، إلا أن السجل يُظهر دولة تعتمد بشكل متزايد على هندسة السرد، لا على الأدلة، للحفاظ على شرعيتها.

وتشير دراسات معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية إلى أن مثل هذه التصعيدات غالبًا ما تتزامن مع ضغوط سياسية داخلية، أو ركود اقتصادي، أو ضعف انتخابي: ألقِ اللوم على باكستان، وتجنّب المساءلة.

جنوب آسيا لا تحتاج إلى أزمة مصطنعة أخرى. إذا كانت الهند واثقة من صحة اتهاماتها، فعليها الترحيب بالتحقيقات المستقلة، ومشاركة المعلومات الاستخباراتية الموثوقة، والخضوع لتدقيق محايد. أما رفضها، فيشير إلى العكس تمامًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى