مقالات

كشمير.. أرض مقيدة بالسلاسل 

رجا محمد إحسان

تخيل أنك تعيش في مكان حيث أصبحت حقوق الإنسان الأساسية حلمًا بعيدًا، وحيث أصبح السلام وهمًا، وحيث يعني رفع صوتك ضد الظلم المجازفة بالسجن دون محاكمة.

أرض يتجلى فيها الاستعمار في كل خطوة، حيث يُقابَل قول الحقيقة بالقمع الوحشي، وحيث ينشأ جيل كامل دون أمل في المستقبل.

هذه ليست رواية ديستوبية، بل هي حقيقة جامو وكشمير المحتلة بشكل غير قانوني من قبل الهند.

يوم التضامن مع كشمير هو يوم الوحدة مع شعب كشمير.

وهو يكرم المقاتلين الشجعان من أجل الحرية الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم. هذا اليوم مخصص لنضالهم من أجل التحرير وروحهم التي لا تنكسر ضد الظلم.

تقسيم شبه القارة الهندية في عام 1947

يعود النزاع حول كشمير إلى التاريخ المضطرب لتقسيم شبه القارة الهندية في عام 1947.

فعندما انتهى الحكم الاستعماري البريطاني، كان من المتوقع أن تنضم ولاية جامو وكشمير الأميرية ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان.

ومع ذلك، وفي خطوة مثيرة للجدل ومتنازع عليها، وقع مهراجا هاري سينغ آنذاك على وثيقة الانضمام إلى الهند دون موافقة الكشميريين.

وقد أثار هذا القرار سلسلة من الصراعات، بما في ذلك الحروب بين الهند وباكستان والاضطرابات المستمرة في المنطقة.

وأصدرت الأمم المتحدة قرارات تدعو إلى إجراء استفتاء لتحديد إرادة الشعب الكشميري، لكن هذه القرارات لا تزال دون تنفيذ حتى يومنا هذا.

وبعد عقود من الزمان، لا يزال الكشميريون يعانون تحت وطأة الاحتلال العسكري الذي جردهم من حقوقهم الأساسية.

الهند تنقل القضية إلى مجلس الأمن

في وقت لاحق، أحالت الهند القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأول من يناير/كانون الثاني 1948.

ووعد مجلس الأمن بإجراء استفتاء للسماح للكشميريين بتقرير مستقبلهم. لكن هذا الوعد لم يتم الوفاء به أبدًا.

لقد مرت عقود من الزمان، لكن مصير كشمير لا يزال دون حل. في الخامس من أغسطس 2019، ألغت الهند المادة 370، وجردت كشمير من وضعها الخاص.

أثارت هذه الخطوة غضب الكشميريين وأدت إلى مزيد من القمع.

ووصفت الهند مقاتلي الحرية الكشميريين بالإرهابيين بينما انهارت صورتها كديمقراطية علمانية على المسرح العالمي.

يتبع حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم أيديولوجية متطرفة.

وتحت حكمه، تواجه الأقليات، وخاصة المسلمين، اضطهادًا متزايدًا. إنهم يعيشون في خوف محرومين من حقوقهم وكرامتهم.

يوم التضامن مع كشمير

في الخامس من فبراير من كل عام، يحتفل الناس في باكستان وحول العالم بيوم التضامن مع كشمير.

وقد تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في عام 1990، وهو وقت للاحتجاج على سياسات الهند الوحشية والوقوف في دعم حرية كشمير.

وهو أيضًا وقت للصلاة والجهود المتجددة لمساعدة قضية الكشميريين.

تتمتع كشمير بروابط ثقافية وعاطفية عميقة مع باكستان.

ومع ذلك، تظل المنطقة الأكثر عسكرة في العالم. يتم تجريد الكشميريين العاديين من حقوقهم الأساسية.

يتم إسكات أصواتهم من خلال حظر التجول والاختفاء القسري والقمع المستمر. لقد ساء الوضع منذ إزالة المادة 370.

الآن، أصبح الكشميريون أكثر عرضة للاستغلال والعنف. تواصل الهند انتهاك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،

بما في ذلك القرار 38 (1948) والقرار 122 (1957). تدعم هذه القرارات حق الكشميريين في تقرير المصير.

كما تتطلب الإبلاغ عن أي تغيير في وضع المنطقة إلى مجلس الأمن.

إن تصرفات الهند في كشمير المحتلة تنتهك هذه القوانين بشكل مباشر.

بالنسبة لشعب كشمير، فإن الحياة اليومية هي محنة لا تنتهي.

حرية التعبير غير موجودة، ويواجه الصحفيون الترهيب والاعتقالات والعنف بسبب الإبلاغ عن الحقيقة.

كما يُحرمون من الحق في التجمع السلمي، حيث تستخدم قوات الاحتلال بانتظام القوة الغاشمة لتفريق المتظاهرين العزل.

تمنح القوانين القاسية مثل قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة قوات الاحتلال سلطات غير مقيدة،

بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري.

توثق التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية حالات واسعة النطاق من التعذيب والعنف الجنسي والاعتقالات الجماعية.

وقد أدانت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش هذه الانتهاكات مرارًا وتكرارًا، ومع ذلك يظل العالم صامتًا إلى حد كبير.

تخاذل المجتمع الدولي

وعلى الرغم من الأزمة الإنسانية المستمرة، فإن الاستجابة من جانب المجتمع الدولي كانت غير كافية إلى حد كبير.

وفي حين أعربت بعض البلدان عن قلقها، فإن العمل الحقيقي لا يزال بعيد المنال.

وكثيراً ما تطغى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للدول القوية على التزامها بحقوق الإنسان، الأمر الذي يجعل كشمير صراعاً مهملاً على الساحة العالمية.

وتتجلى المعايير المزدوجة للقوى الكبرى بوضوح عندما تدافع عن حقوق الإنسان في بعض المناطق بينما تغض الطرف عن كشمير.

ولكن الصمت هو بمثابة تواطؤ. ويتَعين على العالم أن يعترف بمعاناة الشعب الكشميري وأن يتخذ خطوات ملموسة لمحاسبة الهند.

ويَتعين على منظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني أن تستمر في تضخيم أصوات الكشميريين والمطالبة بالعدالة.

ويتعيّن على الأمم المتحدة أن تتجاوز الخطابة؛ بل يتعين عليها أن تدفع إلى تنفيذ قراراتها وضمان منح الكشميريين الحق في تقرير المصير.

باكستان ملتزمة بفضح القمع الهندي

تظل باكستان ملتزمة بفضح القمع الهندي على المنصات الدولية.

وستواصل رفع صوتها من أجل حرية كشمير وكرامتها. إن يوم التضامن مع كشمير هو تذكير بتضحيات الشعب الكشميري.

ويدعو العالم إلى الوفاء بوعوده وضمان حل سلمي. هذا اليوم هو رمز للرابطة غير القابلة للكسر بين باكستان وكشمير.

إن النضال من أجل حرية كشمير مستمر. ويجب على العالم ألا يتجاهل ذلك.

الكاتب طالب في قسم العلاقات الدولية بالجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد ومتدرب في معهد كشمير للعلاقات الدولية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى