كشميرمقالات

معاناة كشمير الصامتة مع حالات اختفاء غامضة

لقد تحمل مجتمع غوجار، المجموعة الرعوية المهمشة، العبء الأكبر من الصراع في كشمير الذي استمر لعقود من الزمن، وهذه المرة يعاني من حالات اختفاء غامضة.

الطاف حسين واني

لقد عادت أنماط مرعبة من حالات الاختفاء والوفيات المزعومة أثناء الاحتجاز والعنف لتسيطر على جامو وكشمير مرة أخرى –

وهذه المرة تلقي بظلالها القاتمة على مجتمع القبائل الغوجارية المهمش في المنطقة.

أشعل تقرير استقصائي حديث لقناة الجزيرة، مصحوبًا بشهادات مروعة من عائلات ونشطاء، شعلة اتهامات قديمة بالإفلات الممنهج من العقاب وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتتناقض مزاعم الحكومة بعودة الأمور إلى طبيعتها بشكل صارخ مع حزن وغضب المجتمعات التي تعاني من وفيات غامضة وإرث من الخوف.

تجسّد وفاة الأخوين رياض وشوكت أحمد من مقاطعة كولجام الرعب الذي يخيّم على قرى كشمير.

تم فقْد الشقيقان في فبراير 2025، ثم تم العثور عليهما ميتين في قناة.

وعزت السلطات وفاتهما إلى الغرق أو الانتحار، لكن عائلتيهما والسكان المحليين نفوا هذه المزاعم.

وقد أثارت العلامات الواضحة للصدمات الجسدية على أجسادهم، إلى جانب اختفاء شاب آخر، مختار أحمد عوان -الذي لا يزال مفقوداً- الشكوك حول احتمال وقوع جريمة قتل.

مستوطناتهم نائية ونفوذهم السياسي محدود

تحمّلت جماعة غوجار، وهي جماعة رعوية مهمّشة تاريخيًا، وطأة الصراع الدائر في كشمير منذ عقود.

وتعدّ مستوطناتهم النائية ونفوذهم السياسي المحدود عرضةً للخطر بشكل خاص.

يسلّط تحقيق الجزيرة الضوء على انهيار رواية الدولة عن «القانون والنظام» تحت وطأة شهادات المجتمع.

تساءل أحد أقارب الأخوين أحمد، معبّرًا عن شعور اليأس السائد في جميع أنحاء الوادي:

«كيف يمكن لشقيقين أن يغرقا معًا؟ جثتاهما تحملان آثار عنف. نعرف الحقيقة، ولكن من سينصت إلينا؟»

في تصعيد مأساوي لهذا اليأس، انتحر ماخان دين، البالغ من العمر 25 عامًا، من بيرودي كاثوا، في 6 فبراير، بعد تعذيب وحشي على يد الشرطة والقوات شبه العسكرية.

في مقطع فيديو مفجع سجِّل قبل وفاته، روى دين بالتفصيل المعاملة اللاإنسانية التي تعرض لها والإكراه الذي واجهه للاعتراف بتهم باطلة.

وقد كشف انتحاره، الذي انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، عن أساليب الترهيب المستخدمة ضد المجتمعات المشتبه في تعاطفها مع المتشددين.

بعد تداول الفيديو، شنّت قوات الأمن حملة قمع، واعتقلت صحفيين وناشطين ضخّموا مزاعم دين.

وفي الوقت نفسه، ظهرت تقارير عن اختفاء عمال غير محليين -مهاجرين من مناطق فقيرة في الهند- في ظروف غامضة.

بينما ألقى المسؤولون باللوم على المسلحين، يزعم النشطاء أن حالات الاختفاء تعكس نمطًا أوسع من الصمت القسري.

ولاحظ محامٍ في مجال حقوق الإنسان من سريناغار:

هؤلاء الأجانب مجرد بيادق في لعبة أكبر. ويهدف اختفاؤهم إلى الإشارة إلى أن لا أحد في مأمن.

وفيات التعذيب في بونش

ازداد انعدام الثقة في ديسمبر 2023 عندما زعم أن ثلاثة مدنيين -شبير أحمد، وسفير أحمد، ومحمد شوكت- قُتِلوا تحت التعذيب على يد جنود في بونش.

وكان هؤلاء الرجال من بين 13 مدنيًا اعتُقلوا بعد هجوم شنّه مسلحون على قافلة للجيش أسفر عن مقتل أربعة جنود.

وبعد أيام، عادت جثثهم المهترئة إلى عائلاتهم، كاشفةً عن واقعٍ مرير: عقابٌ خارج نطاق القضاء يمارس تحت ستار مكافحة التمرد.

أثارت الحادثة غضبًا عارمًا حتى في مناطق مثل راجوري بونش، التي كانت تعتبر تاريخيًا أقل تعاطفًا مع التشدد.

وانتقدت محبوبة مفتي، رئيسة وزراء جامو وكشمير السابقة، ادعاءات الحكومة بالسلام، متسائلةً:

«هل هذه كشمير الجديدة؟».

وزعمت أن 12 شخصًا آخرين من قرية توبا بير نقلوا إلى المستشفى مصابين بجروح ناجمة عن التعذيب، مما يُسلط الضوء على انتشار هذه الانتهاكات.

في تطورٍ متناقض، يخطط والي محمد، والد المرحوم شبير أحمد، الآن لإرسال حفيده إلى مدرسة عسكرية.

وقال: لن تلتئم الجروح أبدًا، لكننا نريد للجيل القادم أن يحظى بفرصٍ لم تُتح لنا قط.

وهو انعكاسٌ مريرٌ لليأس من أجل حياةٍ طبيعية، وديناميكيات السلطة المتجذرة التي لا تترك للعائلات خياراتٍ كثيرة.

عواقب وخيمة للعسكرة

كشفت «مواجهة» أمشيبورا عام ٢٠٢٠ في مقاطعة شوبيان عن العواقب الوخيمة للعسكرة.

استدرج ثلاثة عمال كشميريين -بينهم قاصر- إلى بستان، فقتلوا على يد أفراد من الجيش، ووصفوا بأنهم «إرهابيون أجانب» للمطالبة بمكافأة نقدية قدرها ٢٠ لكح روبية.

وأكدت التحقيقات لاحقًا أن الضحايا كانوا عمالًا أبرياء بأجر يومي.

لم تكن هذه حالةً معزولة. ففي عام ٢٠٠٠، شهدت مواجهة باثريبال الزائفة إعدام خمسة مدنيين على يد الجيش، متهمين زورًا بقتل ٣٥ سيخيًا.

ورغم توجيه مكتب التحقيقات المركزي اتهاماتٍ لخمسة ضباط، استند الجيش إلى قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة لمنع الملاحقات القضائية، متذرّعًا بالحصانة.

وبالمثل، شملت مواجهة ماشيل عام ٢٠١٠ ثلاثة عمال من بارامولا قُتلوا بالقرب من خط السيطرة بتهمٍ ملفقة بالتسلل.

رغم أن محكمة عسكرية أدانت خمسة أفراد، إلا أن أحكامهم لاقت انتقادات واسعة النطاق باعتبارها رمزية.

وصرح برفيز إمروز، المدافع البارز عن حقوق الإنسان:

كانت ماشيل اعترافًا نادرًا بالذنب، لكن العقوبات المخففة أظهرت أن النظام يحمي أفراده.

تكشف هذه القضايا، الممتدة على مدى عقود، عن ثقافة تحفّز فيها الحوافز المالية والترقيات على ارتكاب جرائم قتل خارج نطاق القضاء.

يحمي قانون القوات المسلحة الخاصة الجناة، مكرّسًا دوامة عنفٍ بلا أملٍ يذكر في تحقيق العدالة.

أزمة الإفلات من العقاب

وفقًا لتقديرات غير رسمية، تستند إلى تقارير إعلامية، أودى الصراع في كشمير بحياة أكثر من 96 ألف شخص منذ عام 1989،

مع أكثر من 8 آلاف حالة اختفاء قسري وثّقتها منظمات حقوق الإنسان. يواجه مجتمع غوجار،

الذي غالبًا ما يقع بين مطرقة المسلحين وسندان قوات مكافحة التمرد، تهميشًا مزدوجًا:

انعدام ثقة الدولة بهم، وعرضة للاستغلال من قبل الجماعات المسلحة.

في هذا السيناريو، تبدو محاولات الجيش الهندي الأخيرة لتحسين صورته -تنظيم فعاليات شبابية، وإعادة فتح المدارس،

ودعم مشاريع التنمية- غير ذات جدوى للكثيرين.

في أعقاب وفيات بونش، تعهد الفريق أوبيندرا دويفيدي بـ«عدم التسامح مطلقًا» مع انتهاكات حقوق الإنسان، لكن الناجين ما زالوا متشككين.

«لقد سمعنا هذه الوعود من قبل.. لا شيء يتغير»،

هذا ما قاله أحد الناجين من قضية الاغتصاب الجماعي في كونان بوشبورا في تسعينيات القرن الماضي، والتي لا تزال عالقة في طيات النسيان القانوني.

من باثريبال إلى بونش، يشوب تاريخ كشمير عنف الدولة والإفلات المؤسسي من العقاب.

إن محنة مجتمع غوجار، وانتحار ماخان دين، واستهداف غير المحليين، تكشف عن أزمة تعتبر فيها الحقيقة هي الضحية الأولى.

وقد دعت الهيئات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، مرارًا وتكرارًا إلى إجراء تحقيقات مستقلة، لكن الهند لا تزال ترفض هذه التحقيقات باعتبارها تدخلًا غير مبرر.

حتى يتم إجراء تغييرات جذرية، فإن معاناة كشمير الصامتة ستستمر – والتي تحمل علامات القبور بلا أسماء، والصراخ بلا إجابات، والمستقبل بلا عدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى