عمير جمال يكتب: توقعات باكستان من إدارة بايدن
مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن في 20 يناير المقبل، تكثر التوقعات التي تحملها إسلام أباد من الإدارة الأميركية المقبلة في العاصمة واشنطن.
نستعرض في ما يلي مجموعة من المسائل التي ستطغى على الأرجح على النقاشات بين إسلام أباد وواشنطن في عهد بايدن،
فقد تتوقع باكستان بعض التسهيلات مثلاً على مستوى المساعدات المادية التي علّقها الرئيس دونالد ترامب في عام 2018 بسبب فشل إسلام أباد في التحرك ضد الجماعات المتطرفة، اتّهم ترامب باكستان بالخداع وإطلاق الأكاذيب حين ألغى «صندوق دعم التحالف» الذي كان أساسياً لإسلام أباد، وبسبب قرار الإلغاء، خسرت باكستان مليارات الدولارات على شكل مساعدات عسكرية ومدنية في آخر سنتين، وقد انعكس هذا الوضع بقوة على إسلام أباد تزامناً مع تفاقم الأزمة المالية هناك، وقد تستأنف إدارة بايدن جزءاً من التمويل لمكافأة باكستان على دعمها لأفغانستان ولمتابعة الجهود الدبلوماسية القائمة.
على صعيد آخر، قد تتوقع باكستان تكثيف التعاون الفاعل والمُنسّق في برامج التدريب العسكري خلال عهد بايدن، حيث كان ترامب قد علّق مشاركة باكستان في «برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي» لأكثر من سنة، ومن ناحية أخرى، يذكر تقرير نشرته وكالة «رويترز» أن الجيش الأميركي لطالما سعى تقليدياً إلى حماية تلك البرامج التعليمية من الضغوط السياسية، على اعتبار أن الروابط التي تنجم عن جَلْب ضباط عسكريين أجانب إلى الولايات المتحدة تعطي مكاسب كبرى على المدى الطويل، وخلال أكثر من عشر سنوات، شكّل «برنامج التعليم والتدريب العسكري الدولي» ركيزة للعلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وباكستان، وصمد هذا البرنامج رغم جميع الاضطرابات السياسية خلال عهد باراك أوباما الممتد على ثماني سنوات، بما في ذلك مقتل أسامة بن لادن في باكستان (أدى هذا الحدث إلى تدهور العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق). خلال عهد بايدن، يمكن استئناف برنامج التدريب العسكري الذي تشارك فيه باكستان.
كذلك، قد تتوقع إسلام أباد أن تحصد إشادة واسعة من إدارة بايدن بسبب تعاونها في عملية السلام الأفغانية، وقد تحاول باكستان إبقاء تلك العملية في طليعة جهود تعاونها مع الولايات المتحدة خلال عهد بايدن، ففي هذه المرحلة، لا أحد يعرف مدى استعداد إدارة بايدن لاحترام اتفاق ترامب مع حركة «طالبان» والالتزام بسحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان، فقد سبق أن طالبت حركة «طالبان» الأفغانية الإدارة الأميركية المقبلة بالتمسك باتفاق الانسحاب العسكري، وذكرت «طالبان» الأفغانية في بيان لها: «تريد الإمارة الإسلامية أن يدرك الرئيس الأميركي المُنتخب والإدارة الأميركية المستقبلية أهمية تنفيذ الاتفاق باعتباره أهم أداة فاعلة ومنطقية لإنهاء الصراع بين البلدين». لكن قد يتدهور الوضع إذا أصرّت «طالبان» على موقفها المتشدد أو إذا أعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستبقي عدداً معيناً من الجنود في البلد، وفي مطلق الأحوال سترغب باكستان على الأرجح في إرضاء إدارة بايدن لضمان المكاسب الآنف ذكرها.
في ما يخص «مجموعة العمل المالي»، من المستبعد أن تستفيد باكستان عبر إزالتها عن القائمة الرمادية، إذ أحرزت باكستان تقدماً ملحوظاً في نقاط عدة ترتبط بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومحاسبة المقاتلين، لكن لن يصبح هذا العامل حاسماً على الأرجح لتقرير مصير باكستان في المنتدى، وستدرك إدارة بايدن أن الضغوط التي فرضها المنتدى حققت مكاسب أساسية ولا تزال تشكّل ورقة ضغط مؤثرة لكسب تنازلات إضافية من إسلام أباد، ومن المتوقع أن يتابع المنتدى مطالبة إسلام أباد بخطوات إضافية ويضيف بنوداً جديدة إلى ملف باكستان، كما يجب ألا تتوقع باكستان من جهتها تدخّلاً حاسماً من الإدارة الأميركية المقبلة لمجرّد أنها تعاونت في ملف أفغانستان وأدت الواجبات المطلوبة منها داخلياً، بل إن مصالح واشنطن الواسعة في آسيا، بما في ذلك علاقاتها مع الهند والصين، هي التي تُحدد وجهة سياساتها في المنتدى.
الجريدة الكويتية