مقالات

 محمد نفيس زكريا يكتب: محنة مسلمي كشمير المحتلة

كانت التطورات التقنية خلال العقود الأربعة الماضية استثنائية، لا سيما في مجال الاتصالات الرقمية، إذ تحول العالم فيها إلى قرية صغيرة، ليصل أدنى حدث يقع في أي مكان، إلى كل ركن من أركان العالم في لمح البصر، وذلك بفضل وسائل الإعلام التي برزت كأقوى الأدوات توعية، وعليه فإنني سأكون مخطئًا تمامًا إذا افترضنا أن معاناة مسلمي كشمير الإنسانية في (جامو وكشمير) التي تحتلها الهند بشكل غير قانوني لم تصل إلى العالم العربي.

إذا اعتقدت الحكومة الهندية أن بإمكانها تضليل العالم والتسلل من العقاب من خلال تقاريرها الكاذبة على سبيل المثال الخبر المنشور في صحيفة (سعودي جازيت) بتاريخ 21 أكتوبر 2020م بعنوان: (عام واحد في كشمير: نزعة قتالية أقل، وتقدم أكثر) بهدف التستر على الجرائم التي كانت قواتها ترتكب ضد الإنسانية في جامو وكشمير ضد المسلمين الكشميريين العزل، فإن الهند مخطئة.

إذ أن هناك الكثير من الحقائق الموثقة حيال الفظائع الهندية التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية غير الحكومية المعترف بها دوليًا، ووسائل الإعلام العالمية وممثلو الأمم المتحدة.

لم ينس الكشميريون ولا المنصفين في العالم الإبادة الجماعية لنصف مليون مسلم كشميري في جامو وحدها في عام 1947م على يد قوات الدوغرا التي انضم إليها إرهابيو (منظمة التطوع الهندوسية RSS)، والقوات الهندية غير الشرعية، كما تشهد التقارير البريطانية ووسائل الإعلام الأخرى على هذه المأساة الإنسانية.

على مدى العقود السبعة الماضية من الاحتلال الهندي غير الشرعي لجامو وكشمير دأبت القوات الهندية بشكل ممنهج على إبادة المسلمين الكشميريين من خلال مذابح جماعية مستمرة، وعمليات الإبعاد القسرية، والاغتيالات خارج نطاق القانون، والقتل أثناء الاحتجاز.

هذا، وقد أصيب العالم المتحضر بالصدمة عندما كشفت محكمة الشعب الدولية (IPTK) وهي منظمة غير حكومية مقرها (جامو وكشمير) عن اكتشاف 3000 مقبرة جماعية للكشميريين في ست مقاطعات قتلتهم القوات الهندية في مواجهات وهمية ومفبركة.

وفقًا لمحكمة الشعب الدولية الآنفة الذكر –اكتشافهم لم يكن كاملاً ولا شاملاً بل جزئيا- فقد اكتشفت وجود مقابر جماعية في أنحاء (جامو وكشمير) المحتلة، ومن تسمي نفسها بأكبر ديمقراطية في العالم سمتها المتميزة إنما هي إضافة المزيد من الفصول المظلمة في تاريخ البشرية.

من بين العديد من الوثائق التي تم توثيقها هناك حالات اغتصاب جماعي لنساء مسلمات كشميريات في قريتين (كونان وبوشبورا) في عام 1991م، كما تسببت قوات الاحتلال الهندية في إصابة أكثر من 1100 شاب كشميري بالعمى خلال الفترة من 2016 – 2017م ، وهو الأمر الذي وثقته منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر بعنوان:

(Losing Sight in Kashmir, ongoing military siege since 5th August 2019 with complete communication blockade).

كما دفعت الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في منطقة (جامو وكشمير) التي تحتلها الهند تقارير محققي الأمم المتحدة الأربعة إلى التساؤل عن الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والقتل أثناء الاحتجاز، والمداهمات غير القانونية، وتدمير الممتلكات، والحرمان من الحقوق الأساسية، والاعتداءات الجنسية، والمضايقات، وحرمان الكشميريين من الحرية الدينية منذ 5 أغسطس 2019م.

ختاما، يتحمل العالم مسؤولية ضمان تحقيق العدالة لضحايا الفضائع الهندية من الكشميريين، كما يجب مطالبة الهند ومحاسبتها على جرائمها ضد الإنسانية.

—-

شغل الكاتب محمد نفيس زكريا منصب المفوض السامي لباكستان لدى ماليزيا، والمملكة المتحدة، كما شغل منصب المتحدث الرسمي للخارجية الباكستانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى