محمود صقر يكتب: كشمير وديمقراطية الهند
في اليوم الذي وطِئَت فيه قدماي أرض الهند، وفي إحدى مدنها الكبرى «بومباي»، أدركت أكذوبة أن الهند أكبر ديمقراطية «عددية» في العالم، وأدركت زيف ما يروجه الغرب، وما صرح به بطرس غالي بأن الهند هي المثال على تعايش الأقليات العرقية والدينية. وأدركت معها أيضاً زيف ما تنشره المؤسسات الدولية الاقتصادية عن مؤشرات التقدم الاقتصادي للدول.
في الهند الديمقراطية والمرشحة لتكون خامس قوة اقتصادية في العالم، نرى المتسولين منتشرين في شوارع المدينة، والأرصفة مسكونة بمن لا مأوى لهم من أسر كاملة تمارس كل أنشطتها اليومية الاعتيادية من أكل واغتسال وخلافه في الشارع، وهذا المشهد تجده في الأحياء الشعبية وغير الشعبية وبجوار المجمعات السكنية الراقية، في مشهد مثير للعجب، فضلاً عن مظاهر الفوضى والتلوث وانتشار القمامة ووسائل المواصلات المهترئة.
كل هذه الظواهر البادية للعين عن انتشار الفقر والجهل والتمايز الطبقي تفقأ عين أكذوبة الهند الديمقراطية، وتتأكد رؤية العين ومعايشة الواقع مع الإحصاءات الرسمية لليونيسكو، والتي تحدد الهند كأكبر نسبة أمية في العالم، حيث بلغ عدد الأميين 286 مليون شخص، بحسب تقرير عام 2015.
كما تفيد الإحصاءات بأن الهند بها أكبر نسبة فقر في العالم، وما زال أكثر من 250 مليون هندي محرومين من الكهرباء، فضلاً عن وجود 22 مدينة هندية من أصل 30 مدينة تعتبرها منظمة «السلام الأخضر» الأكثر تلوّثاً في العالم.
في الهند آليات ديمقراطية من أحزاب وصناديق انتخاب وانتخابات بلا تزوير. ولكن، بالانتقال من الآلية إلى الممارسة الفعلية، فإن هذا الكم من المواطنين الأميين والمعدمين هم أيضاً أحد آليات الديمقراطية (الزائفة). فهؤلاء هم الرصيد الاستراتيجي للخطاب الشعبوي القومي الهندوسي المتطرف، وبصوتهم وصل حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا)، القومي الهندوسي المتطرّف إلى سدة الحكم، بواسطة خطابه الشعبوي الذي يشيطن المسلمين، ويربط بين 170 مليون مسلم هندي وبين الإرهاب، ويصفهم بأنهم أصدقاء باكستان.
وفي ظل حكم هذا الحزب، أصبح هذا الرصيد الشعبي هو رأس الحربة في حالة الهوس الهندوسي ضد المسلمين، والذي بلغ حد وصف «تاج محل» من مسؤول بالحكومة على أنه مؤامرة ضد الثقافة الهندية وبناه خائنون (مسلمون).!
وفي ظل ديمقراطية «مودي» تم محاولة منع عرض فيلم «باجيراو ماستاني»، فالمسلمة زوجة البطل القومي الهندي «باجيراو» تم تصويرها على أنها زوجة وليست عشيقة كما يريد الهندوس!
وفي ظل ديمقراطية «مودي» تزايدت حالات اعتداء الهندوس على المسلمين، في ظل خطاب كراهية يتبناه الحزب الحاكم ويصف المسلمين بأنهم منبوذون ودخلاء على الهند.
لا عجب في ظل حكومة قومية هندوسية متطرفة، مرضيّ عنها من الغرب، وذات علاقة حميمة مع الكيان الصهيوني، أن يصمت الغرب أمام انتهاكها للقانون الدولي والمعاهدات الدولية، فضلا عن جرائمها ضد الإنسانية لمسلمي كشمير.
ولا لوم ولا عتب عليهم وعلى من يساندهم، طالما أن الدول والشعوب الإسلامية أصبحت غثاء لا ينصر حقاً ولا يدفع باطلاً.