أخبارسلايدر

تبديل الجلد السياسي في لاداخ: احتجاج أم إعادة تموضع؟

شهدت منطقة لاداخ في جامو وكشمير المحتلة من قبل الهند، مؤخرًا، حالة من “تبديل الجلد السياسي”، ليس بمعناه الحرفي بل كتعبير عن التحول الجذري في المواقف والاصطفافات السياسية، بعد انسحاب هيئة “ليه أبيكس بودي” من المحادثات المقررة مع الحكومة الهندية.

تصعيد غير متوقع

أتى القرار المفاجئ لحزب ليه أبيس بودي (LAB) في وقت حساس، بعد تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة، على خلفية أعمال العنف التي وقعت في 24 سبتمبر،

وأسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات. هذا التصعيد لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كشف عن أزمة ثقة عميقة بين سكان لاداخ والحكومة المركزية في نيودلهي.

شروط واضحة قبل أي حوار

في مؤتمر صحفي عقد في سريناغار، أعلن القيادي ثوبستان تشيوانج أن الحزب لن يشارك في أي مفاوضات ما لم تتحقق شروط واضحة، أبرزها:

فتح تحقيق قضائي نزيه في أعمال العنف الأخيرة

سحب القضايا المرفوعة ضد المعتقلين

الإفراج عن الناشط البيئي البارز سونام وانغتشوك

معالجة ما وصفه بـ”حالة الرعب والحزن” السائدة بين السكان

تبديل الجلد: من شريك في الحوار إلى طرف معارض

هذا الموقف يعكس تحوّلًا واضحًا في تموضع الهيئة من شريك في الحوار إلى طرف معارض يفرض شروطًا مسبقة، وهو ما يمكن وصفه مجازيًا بـ”تبديل الجلد السياسي”؛ إذ لم يعد هناك مجال للمرونة أو الحلول الرمادية في ظل تصاعد التوترات.

تضامن سياسي واتساع دائرة الغضب

لم يكن حزب LAB وحده في هذا الموقف؛ فقد ردد تحالف كارجيل الديمقراطي المطالب ذاتها، مؤكدًا على ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، خاصة وأن بعضهم اعتُقل بموجب قوانين صارمة مثل قانون الأمن الوطني (NSA).

دلالات التحول السياسي

هذا التغير في اللهجة والموقف يحمل دلالات أعمق:

تآكل الثقة بين سكان لاداخ والحكومة المركزية

إحساس متزايد بـالتهميش الثقافي والسياسي

مطالبات متزايدة بـالاعتراف الكامل بالحقوق السياسية والمدنية لسكان

ما نشهده في لاداخ ليس مجرد انسحاب من محادثات، بل هو تحول جذري في موقع سياسي، يعكس تبديلًا في الجلد واللغة والخيارات.

إنه احتجاج صريح على ما يعتبره السكان تهميشًا وهيمنة أمنية بلا مساءلة، ودعوة صريحة لإعادة رسم العلاقة بين لاداخ والدولة الهندية على أسس العدالة والكرامة والتمثيل الحقيقي.

آراء وردود أفعال على انسحاب هيئة ليه أبيكس من المحادثات

أثار قرار هيئة ليه أبيكس بودي (LAB) الانسحاب من المحادثات المقررة مع الحكومة الهندية، موجة واسعة من ردود الأفعال في الأوساط السياسية والمجتمعية داخل لاداخ وخارجها.

فقد رأت جهات عدة في هذا الانسحاب رسالة سياسية قوية تعكس حجم الاستياء الشعبي من السياسات المتبعة في الإقليم.

1. موقف شعبي متصاعد

من داخل لاداخ، أعرب العديد من الناشطين والمواطنين عن تأييدهم الكامل لقرار الهيئة، معتبرين أنه تأخر كثيرًا.

وأكدوا أن الحكومة الهندية لم تُظهر جدية في الاستماع إلى مطالب أهالي لاداخ، بل استمرت في سياسة التجاهل والتضييق الأمني، خاصة بعد أحداث 24 سبتمبر التي وصفوها بـ”الدامية والمخزية”.

2. منظمات المجتمع المدني: دعم مشروط للحوار

منظمات حقوقية ونقابات محلية – وعلى رأسها نقابة المحامين – أعلنت عن دعمها لموقف LAB، لكنها شددت على أن الحوار لا يزال ضروريًا، شرط أن يتم في مناخ خالٍ من القمع والاعتقالات، ودون إقصاء الأطراف المجتمعية الفاعلة.

كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، وعلى رأسهم الناشط البيئي المعروف سونام وانغتشوك، الذي أثار اعتقاله موجة غضب بين الأوساط الطلابية والشبابية.

3. التحالفات السياسية: لحظة مفصلية

أما على المستوى السياسي، فقد رأى تحالف كارجيل الديمقراطي أن الانسحاب من المحادثات يعكس “لحظة مفصلية” في العلاقة بين لاداخ والحكومة المركزية. وقال العضو البارز في التحالف، سجاد كارغيلي.

إن “السلطة في نيودلهي لم تعد قادرة على تجاهل مطالب الناس بعد الآن”، مشيرًا إلى أن استمرار القمع سيؤدي إلى مزيد من الانفصال النفسي والسياسي عن الدولة.

4. وسائل الإعلام الهندية: قراءة مزدوجة

بعض وسائل الإعلام الهندية تناولت الحدث من زاويتين:

تيارات مؤيدة للحكومة اعتبرت الانسحاب “خطوة تصعيدية غير مبررة” وادعت أن الدولة كانت بصدد تقديم حلول جادة.

في المقابل، نُشرت مقالات وتحليلات مستقلة ترى أن القرار يعكس فشلًا في إدارة التوترات، وتجاهلًا لمطالب مستمرة منذ سنوات، خاصة بعد إلغاء الوضع الخاص لكشمير في عام 2019.

5. أوساط أكاديمية وحقوقية: تحذير من الانفجار

مراقبون من الأوساط الأكاديمية وحقوقية حذروا من أن ما يحدث في لاداخ قد يتحول إلى نموذج جديد من التوترات الداخلية في الهند، ما لم يتم احتواء الموقف بسرعة عبر خطوات سياسية جادة تشمل:

الاعتراف بالمطالب الثقافية والبيئية

ضمان تمثيل سياسي حقيقي

احترام حرية التعبير والنشاط المدني

أجمع معظم المراقبين على أن انسحاب هيئة ليه أبيكس من المحادثات ليس مجرد احتجاج عابر، بل إنذار مبكر بأن صبر أهالي لاداخ بدأ ينفد، وأن أي تجاهل للمطالب الشعبية، سيؤدي إلى مزيد من التوتر والانفصال الرمزي عن الدولة. فالمطلوب اليوم ليس فقط تهدئة مؤقتة، بل إعادة صياغة العلاقة مع المركز على أسس من العدالة والاحترام المتبادل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى