كشمير

الحريات الدينية تحت الحصار في كشمير

همايون عزيز سانديلا

أثارت التوجيهات الأخيرة التي تلزم القائمين على المساجد في جامو وكشمير المحتلة بالحصول على موافقة مسبقة من رئيس الأوقاف المعين من قبل الحكومة الهندية قبل إلقاء خطب الجمعة إدانة واسعة النطاق.

ووصف زعيم حزب مؤتمر الحريات الكبير ورئيس رجال الدين في مسجد جاميا سريناغار، مير واعظ عمر فاروق، هذه التوجيهات بأنها هجوم على الحريات الدينية وحقوق المجتمع المسلم، واصفًا إياها بالتعدي الصارخ على حقهم الأساسي في ممارسة الدين دون تدخل.

إن هذه السياسة ليست حدثًا معزولًا بل جزء من نمط أكبر من التقليص المنهجي للحريات الدينية والسياسية والثقافية في كشمير منذ إلغاء المادتين 370 و35أ في أغسطس 2019.

ومن خلال محاولة تنظيم محتوى خطب الجمعة، تسعى الحكومة الهندية إلى السيطرة على السرد الصادر عن المساجد، والتي كانت تاريخيًا بمثابة منصات للتأمل الجماعي والمقاومة.

وتتردد أصداء هذه الخطوة في محاولات سابقة لتقويض الحكم الذاتي الديني في كشمير.

حظر التجمعات الدينية

ففي عام 2018، حظرت السلطات التجمعات الدينية بحجة الحفاظ على القانون والنظام في الأراضي المحتلة.

وعلى نحو مماثل، غالبًا ما تم إغلاق مسجد جاميا في سريناغار بسبب إقامة الصلاة الجماعية، مما حرم الآلاف من المسلمين من حقهم في العبادة.

كما تعرض مير واعظ عمر فاروق نفسه للإقامة الجبرية بشكل متكرر،

مما أدى إلى خنق قدرته على قيادة الصلاة والدعوة للشعب الكشميري.

إن مثل هذه الأفعال لا تنتهك الحقوق الدينية للكشميريين فحسب، بل إنها تشكل أيضاً خرقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

حرمة الحريات الدينية

فالمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن الحق في حرية الفكر والضمير والدين،

بما في ذلك حرية إظهار الدين في العبادة والتدريس والممارسة.

كما يؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقعت عليه الهند، على حرمة الحريات الدينية.

لقد اعترفت الأمم المتحدة باستمرار بأهمية الحرية الدينية.

ويلزم قرار الجمعية العامة رقم 36/55 بشأن إعلان القضاء على جميع أشكال التعصب

والتمييز على أساس الدين أو المعتقد الدول بضمان حقوق الأفراد في ممارسة دينهم بحرية دون تدخل.

ومع ذلك، فإن سياسة الحكومة الهندية تتناقض مع هذه المبادئ بفرض الرقابة الحكومية على الممارسات الدينية في كشمير.

كما يتعارض هذا الوضع مع دعوات خبراء الأمم المتحدة المتكررة للهند للحفاظ على حقوق الكشميريين.

الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

ففي عام 2019، أعرب خمسة مقررين خاصين للأمم المتحدة عن قلقهم إزاء «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» في المنطقة،

مؤكدين على ضرورة احترام الهند للاستقلال الثقافي والديني لشعبها.

يتعين على المجتمع الدولي أن يدرك أن الحرية الدينية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالكرامة الإنسانية والاستقلال.

وتسلط تصرفات الهند في كشمير الضوء على الحاجة الملحة إلى التدخل لحماية الحقوق الأساسية للكشميريين.

ويتعين على الجهات الفاعلة العالمية، بما في ذلك الأمم المتحدة، أن تضغط على الهند لإلغاء السياسات القمعية والسماح للمسلمين الكشميريين بممارسة عقيدتهم دون خوف من انتقام الدولة.

إن الحرية الدينية في كشمير ليست مجرد قضية محلية، بل هي قضية عالمية تعكس قضايا أوسع نطاقاً تتعلق بحقوق الإنسان وتقرير المصير.

وإلى أن يتم استعادة هذه الحقوق، ستظل مساجد كشمير رمزاً للصمود في مواجهة تآكل هويتها الثقافية والدينية.

سمير زعقوق

كاتب صحفي، وباحث في شئون شبه قارة جنوب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى