مقالات

دور باكستان على الساحة العالمية.. تاريخ المؤتمرات الرئيسية

2024-10-13

محمد محسن إقبال

بقلم: محمد محسن إقبال

منذ استقلالها في عام 1947، استضافت باكستان العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية التي لعبت دورًا مهمًا في تشكيل علاقاتها الدبلوماسية،

وتعزيز التعاون الإقليمي، وإظهار أهميتها الاستراتيجية على الساحة العالمية.

وقد سهلت هذه المؤتمرات التبادلات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما سمح لباكستان بوضع نفسها كلاعب حاسم في جنوب آسيا وخارجها.

مؤتمر باندونغ

كان مؤتمر باندونغ الذي انعقد في الفترة من 18 إلى 24 أبريل 1955 في إندونيسيا أحد أقدم وأهم الأحداث في تاريخ باكستان الدبلوماسي،

حيث شاركت باكستان بنشاط كجزء من حركة عدم الانحياز التي تشكلت حديثًا.

وقد أدى هذا الحدث إلى ترسيخ مكانة باكستان كصوت رئيسي بين الدول المستقلة حديثًا في آسيا وأفريقيا، والدعوة إلى التعاون الاقتصادي والتعايش السلمي.

أصبح موقع باكستان الاستراتيجي في جنوب آسيا ودورها كجسر بين العالم الإسلامي والغرب أكثر وضوحًا خلال حقبة الحرب الباردة.

مؤتمر القمة الإسلامي في لاهور

شهدت سبعينيات القرن العشرين فترة من النشاط الكبير لباكستان على الساحة الدولية. ففي الفترة من 22 إلى 24 فبراير 1974، انعقد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني في لاهور، وجذب زعماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

وكانت القمة ذات أهمية خاصة لأنها عقدت في أعقاب تفكك باكستان في عام 1971، وكان الاستضافة الناجحة لمثل هذا الحدث المرموق يُنظر إليها على أنها رمز لمرونة باكستان وأهميتها المستمرة في السياسة الإقليمية.

كما عزز هذا التجمع زعامة باكستان داخل المجتمع الإسلامي، الذي كان يسعى إلى بناء تحالفات اقتصادية وسياسية أقوى خلال فترة الانقسام العالمي.

أدت قمة لاهور الإسلامية إلى مزيد من إضفاء الطابع المؤسسي على منظمة التعاون الإسلامي،

حيث لعبت باكستان دورًا محوريًا في تشكيل أجندة المنظمة، وخاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي ودعم القضية الفلسطينية.

من قمم رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي

بالإضافة إلى المؤتمرات الإسلامية، استضافت باكستان أيضًا العديد من القمم الإقليمية في جنوب آسيا. كان تشكيل رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC) في عام 1985 حدثًا بارزًا في التاريخ الدبلوماسي لجنوب آسيا.

كانت باكستان أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي، واستضافت العديد من قمم رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي،

بما في ذلك القمة الرابعة التي عقدت في إسلام أباد، باكستان في الفترة من 29 إلى 31 ديسمبر 1988.

كانت هذه القمة بمثابة معلم مهم في تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات مثل التجارة والتعليم والاستدامة البيئية.

على الرغم من أن رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي غالبًا ما أعاقتها التوترات السياسية، وخاصة بين باكستان والهند، إلا أن المنظمة لا تزال تتمتع بإمكانات هائلة للتكامل الإقليمي.

كان أحد أهم الأحداث الدولية التي عقدت في السنوات الأخيرة هو الدورة الثامنة والأربعون لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، التي استضافتها باكستان في 22-23 مارس 2022 تحت عنوان (بناء الشراكات من أجل الوحدة والعدالة والتنمية) في إسلام آباد.

كان هذا المؤتمر ذا أهمية كبيرة، خاصة في ضوء مناصرة باكستان المستمرة لحقوق المسلمين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في فلسطين وكشمير.

سمح اجتماع منظمة التعاون الإسلامي لباكستان بتأكيد موقفها بشأن هذه القضايا الحرجة، مع مناقشة الأزمة الإنسانية في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية.

مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون

لا يمكن التقليل من أهمية منظمة شنغهاي للتعاون بالنسبة لباكستان.

سيعقد مؤتمر منظمة شنغهاي للتعاون في إسلام أباد في الفترة من 15 إلى 16 أكتوبر 2024، وسيجمع الدول الأعضاء لمناقشة القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية الإقليمية الرئيسية.

ستؤكد باكستان، بصفتها الدولة المضيفة، على أهمية التعاون في مكافحة الإرهاب، وتعزيز طرق التجارة، ومعالجة تحديات تغير المناخ.

ستشارك وفود رفيعة المستوى من جميع الدول الأعضاء، مع التركيز على تعزيز الاتصال من خلال مبادرات مثل الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني وتعزيز العلاقات المتعددة الأطراف من أجل التنمية الإقليمية المستدامة.

سيوفر المؤتمر أيضًا فرصة لإجراء مناقشات ثنائية تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية في إطار منظمة شنغهاي للتعاون.

باكستان تلعب دور حاسم في الدبلوماسية الدولية والإقليمية

ويسلط تاريخ هذه المؤتمرات الضوء على الدور الحاسم الذي لعبته باكستان في الدبلوماسية الدولية والإقليمية منذ نشأتها.

فقد سمحت هذه الأحداث لباكستان بفرض نفوذها على المسائل المتعلقة بالأمن والتعاون الاقتصادي والتضامن الديني،

وخاصة داخل العالم الإسلامي. وكان لمؤتمرات منظمة شنغهاي للتعاون، على وجه الخصوص، تأثير كبير على السياسة الخارجية الباكستانية،

مما مكن البلاد من تعزيز تعاونها الأمني ​​مع الصين وروسيا وتعزيز مكانتها في الجغرافيا السياسية الإقليمية.

تعزيز القوة الناعمة الباكستانية

وبعيداً عن الأهمية السياسية والاقتصادية، ساهمت هذه المؤتمرات أيضاً في تعزيز القوة الناعمة الباكستانية من خلال تعزيز التبادل الثقافي وتشجيع التواصل بين الشعوب.

وشجعت مؤتمرات مثل قمم رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي التعاون الإقليمي في مجالات التعليم والثقافة والصحة،

الأمر الذي أدى إلى مزيد من التفاهم بين دول جنوب آسيا على الرغم من التوترات السياسية الكامنة.

ورغم تباين نتائج هذه المؤتمرات، حيث أفضى بعضها إلى مبادرات دبلوماسية أو اقتصادية ملموسة،

بينما كان بعضها الآخر بمثابة إشارات رمزية، فإن التأثير التراكمي على مكانة باكستان الدولية كان عميقا.

وكثيرا ما استخدمت باكستان هذه المنصات للدفاع عن السلام والتعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية،

كل ذلك في حين عززت تحالفاتها مع القوى العالمية الرئيسية.

وعلى الرغم من تحديات بيئتها الجيوسياسية، فقد أظهرت باكستان قدرتها على الصمود والتكيف، باستخدام هذه المنتديات لإدارة علاقاتها الخارجية المعقدة وتعزيز بصمتها العالمية.

المؤتمرات الدولية.. الأهمية الاستراتيجية لـ باكستان

وفي الختام، يعكس تاريخ المؤتمرات الدولية والإقليمية في باكستان الأهمية الاستراتيجية للبلاد على الساحة العالمية.

فمن مؤتمرات التضامن الإسلامي إلى القمم الإقليمية في إطار رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي ومنظمة شنغهاي للتعاون،

سمحت هذه الأحداث لباكستان بلعب دور حيوي في الاستقرار الإقليمي والتنمية الاقتصادية والدبلوماسية العالمية.

ولا يزال تأثير هذه المؤتمرات يؤثر على السياسة الخارجية الباكستانية، وخاصة علاقاتها مع جيرانها والقوى الدولية الرئيسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى