مقالات

كشمير في يوم حقوق الإنسان: صمتٌ لا يُطاق

بقلم: سمية كينات

مع اقتراب العاشر من ديسمبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تُذكّرنا جامو وكشمير الواقعة تحت الاحتلال  الهندي (IIOJK) بكيف يمكن لدولة أن تمحو الحقوق الأساسية لشعب كامل بينما يشيح العالم بنظره. في IIOJK، لا تُنتهك الحقوق فقط، بل تُسحق تحت الحكم العسكري، حيث يتحوّل المدنيون إلى رعايا يخضعون للتغطية والإسكات والإخضاع.

كشمير واحدة من أكثر المناطق عسكرة على كوكب الأرض. تنتشر مئات الآلاف من القوات الهندية في القرى والبلدات والمناطق الجبلية.

تتحول الحياة اليومية إلى سلسلة من نقاط التفتيش والمركبات المدرعة والمداهمات. بالنسبة للكشميريين، حتى أبسط الأنشطة اليومية مثل شراء الطعام أو زيارة الأقارب أو الذهاب إلى المدرسة تمر عبر مراقبة خانقة تزرع الخوف وتُضعف الشعور بالحياة الطبيعية.

لكن القمع في كشمير ليس جسديًا فقط. فالهند تُسخّر القانون والتكنولوجيا والمعلومات للتحكم والسيطرة. وكان الحدث الفاصل في 5 أغسطس 2019، حين ألغت نيودلهي المادتين 370 و35A، منهيةً الحكم الذاتي المحدود لكشمير.

جرى تقسيم المنطقة إلى إقليمين اتحادِيّين ووُضعت بالكامل تحت الحكم المركزي دون أي مشاورة أو نقاش مع الشعب الكشميري.

لتطبيق ذلك، قطعت الهند الاتصالات كافة خلال الإغلاق: الإنترنت، الهواتف، وحتى الخطوط الأرضية. لم تتمكن وسائل الإعلام من التغطية، ولم تتواصل العائلات، وتعطّلت خدمات المستشفيات.

كان ذلك أطول انقطاع للإنترنت في تاريخ دولة ديمقراطية، هدفه إسكات الناس قبل أن يتمكنوا من الكلام.

وبعد عودة الاتصال الجزئية، أصبحت كشمير مختبرًا للقمع الرقمي. المراقبة الجماعية، والتعرف على الوجوه، والقياسات الحيوية القسرية، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات لتعقب أي معارضة.

يتم استدعاء الأكاديميين والنشطاء والصحفيين بسبب منشورات رقمية. وتُداهم المنازل بسبب التعبير الإلكتروني. في كشمير، الحجز نفسه يتحول إلى امتياز، ويختفي الحد الفاصل بين الأمن والإكراه.

رغم أن حرية الإعلام مُكبّلة، إلا أنها ما زالت تُستهدف. الصحفيون يُجبرون ويُعتقلون ويُحتجزون بموجب قوانين صارمة كقانون مكافحة الإرهاب، فقط لأداء عملهم.

كما تُستخدم البيانات الرسمية لفرض قيود مالية على الصحف وإسكاتها. الرسالة واضحة: الرواية الرسمية وحدها مسموح بها.

وراء هذا القمع تكمن جرائم أخطر بكثير: التعذيب، الإعدامات خارج نطاق القضاء، وحالات الاختفاء. آلاف العائلات تنتظر أخبار أحبائها المفقودين.

وبفضل قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة، تُمنح القوات الهندية حصانة شبه مطلقة، ما يُسهّل الاعتقالات التعسفية والانتهاكات بلا مساءلة.

الأطفال هم الأكثر معاناة. الآلاف أصيبوا بجروح وإعاقات بسبب بنادق الكريات التي أثارت غضبًا عالميًا منذ 2016، وما زالت تُستخدم رغم الإدانات. تتحول الاحتجاجات إلى مشاهد فزع طويلة الأمد. وتسبّبت حظر التجول والسياسات العسكرية في إغلاق المدارس والمراكز التعليمية، محرومة جيلًا كاملًا من التعليم والإحساس بالأمان.

هناك أيضًا اتجاه مقلق نحو تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة. فمنذ 2019، ظهرت قوانين جديدة تسمح لغير السكان المحليين بشراء الأراضي والحصول على وظائف رئيسية.

يخشى الكشميريون أن يكون ذلك جزءًا من خطة طويلة الأمد لتغيير الأغلبية المسلمة في المنطقة، وطمس هويتها الثقافية والسياسية. هذا التغيير الديموغرافي ليس صدفة، بل مقصود.

كما جرى تقييد الحقوق السياسية. اعتُقل العديد من القادة السياسيين، معظمهم دون محاكمة. توقفت العمليات الانتخابية، وأُغلقت الهيئات التشريعية، وتحوّلت المعارضة إلى جريمة. وهكذا يُحرم الكشميريون من حرياتهم المدنية وحقهم في تقرير مصيرهم السياسي.

إن أزمة حقوق الإنسان في كشمير ليست مجموعة انتهاكات معزولة، بل نظام قمعي متكامل. تتداخل العسكرة والقوانين القسرية والتكنولوجيا القمعية والتغيير الديموغرافي لفرض حكم بلا توافق وبلا محاسبة.

وبينما يحتفل العالم بيوم حقوق الإنسان، تستحق كشمير نقاشًا واضحًا لا صمتًا مطبِقًا. فهي تحتاج إلى اهتمام عالمي ومسؤولية صريحة، لأن الصمت تواطؤ.

وعلى الرغم من القمع، يتمسك الكشميريون بإنسانيتهم. في العاشر من ديسمبر، السؤال ليس ما إذا كانوا ينالون حقوقهم، بل ما إذا كان العالم سيقف معهم، ويدعمهم، ويكسر الصمت المستمر. الوادي ينتظر العدالة… لا الشفقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى