مقالات

كشمير في العاشر من ديسمبر: فضح الانهيار المنهجي لحقوق الإنسان

أيما أفراز

مع استعداد العالم لليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر، تُمثل جامو وكشمير المحتلة بشكل غير قانوني (IIOJK) مثالًا حيًا على ما يحدث حين يصبح الصراع عاديًا ومنسيًا، ويتحول إلى حدث عابر.

إن انتهاكات حقوق الإنسان في هذه المنطقة ليست عرضية، بل جزء دائم من الحياة اليومية.

ووراء النقاشات العالمية حول نزع السلاح والقمع السياسي، تكمن قصة أعمق — قصة مجتمع أُسكتت مؤسساته ومشاعره وطموحاته بهدوء.

أصبح نظام الرعاية الصحية أحد أكثر الضحايا صمتًا في هذا الصراع.

المستشفيات تعمل تحت قيود تؤخر سيارات الإسعاف، وتعيق حركة المرضى، وتعطل الإمدادات الطبية الأساسية.

تصل النساء الحوامل إلى أجنحة الولادة بعد عبور نقاط تفتيش كثيرة، ما يفقدهن أحيانًا لحظات حاسمة بين الحياة والموت.

وخلال فترات حظر التجول وحجب الاتصالات، تُترك حالات غسيل الكلى والعلاج الكيميائي والجراحات الطارئة بلا مساعدة.

تنتهك حقوق الإنسان ليس فقط بالرصاص والاعتقالات، بل أيضًا حين يصبح الحصول على الرعاية الصحية ترفًا بدلًا من حق.

وعلى الصعيد النفسي، يزداد الوضع قتامة.

فوفقًا لأطباء نفسيين مخضرمين، شهد الوادي ارتفاعًا كبيرًا في الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.

الأطفال، وكبار السن، وحتى القوى الأمنية يعانون من يقظة مفرطة وخوف دائم.

الشباب يتحدثون عن معاناة، وتوجس، وشعور خانق بعدم اليقين تجاه المستقبل.

في مكان قد يكون فيه طرق الباب علامة خوف، تصبح الرفاهية النفسية حلمًا بعيدًا.

ومع ذلك، يظل هذا الضرر النفسي غائبًا عن معظم الإحاطات الإعلامية والحوارات الدولية.

تتحمل نساء كشمير أعباءً قلّما يلتفت إليها العالم.

إضافة إلى الألم الجسدي الناجم عن الصراع، يعانين من تمييز هيكلي وضغط نفسي واضطراب اجتماعي.

الكثيرات يُجبرن على مغادرة منازلهن بعد فقد أزواجهن أو أبنائهن أو اعتقالهم.

يواجهن الوصم، ويتنقلن بين إجراءات معقدة بحثًا عن أي معلومة حول أحبائهن المفقودين.

المعاناة ليست ألم الفقد فحسب، بل ألم الجهل أيضًا.

كما تتعرض الناشطات والمُبلِّغات للترهيب والتشهير لإسكات أصواتهن.

نضال المرأة الكشميرية يستحق اهتمامًا عالميًا أكبر مما يحصل عليه.

ويستمر نظام التعليم في كشمير بدفع ثمن الصراع.

المعاهد الدينية والمدارس تُغلق باستمرار بسبب حظر التجول أو المداهمات المفاجئة.

ينشأ الطلاب وهم يتعلمون في ظل اضطرابات، وتأجيل امتحانات، وتأخر نتائج، وضياع أيام دراسية.

المعلمون يُدرّسون تحت المراقبة، والطلاب يتعلمون تحت الخوف.

بالنسبة لكثيرين، لم تعد الفصول الدراسية مكانًا للخيال، بل مساحة يطغى عليها وجود أمني ثقيل.

يتلاشى الحق في التعليم في بيئة تُنتهك فيها المعرفة أكثر مما تُغذّى.

من بين الانتهاكات الأقل تناولًا، محو الهوية الفنية الكشميرية.

التقاليد الثقافية — مثل التجمعات الغنائية والموسيقى وورش الخط — تعرضت للإخفاء أو التقييد.

الفنانون يعيشون تحت ضغط تعديل أعمالهم خوفًا من تفسيرها كمعارضة.

المساحات التي كانت تضج بالإبداع أصبحت صامتة.

محاولات إعادة تشكيل الهوية السياسية طالت حتى التعبير الفني.

ويتفاقم المشهد باختناق اقتصادي مستمر.

الإغلاقات والقيود وانقطاع الاتصالات دمّرت السياحة والحرف والمشاريع الصغيرة.

مزارعو التفاح يعانون من خسائر ضخمة بسبب قيود النقل.

الحرفيون يفقدون أسواقهم، والباحثون يُحرمون من الاتصال بالإنترنت، والعاملون بالأجر اليومي يفقدون مصدر رزقهم.

يشتد الفقر، وترتفع الديون، وتغيب الحلول.

الاختناق الاقتصادي يتحول إلى شكل من الإكراه لا يحتاج إلى قوة ظاهرة لكنه شديد التأثير.

ومع اقتراب يوم حقوق الإنسان، تتحدى كشمير المجتمع الدولي للنظر أبعد من العناوين.

القضية لا تتعلق فقط بالقوات الأمنية أو السياسة، بل بمستشفيات متهالكة، وأطفال خائفين، ونساء مثقلات بالأحزان، وشباب مصدومين، وبيئة متضررة، واقتصاد ممزق.

إنها قصة مجتمع أعيد تشكيله حول الخوف وعدم القدرة على التنبؤ.

وفي حين يحتفل العالم بيوم حقوق الإنسان في مؤتمرات واحتفالات، تحيي كشمير ذكرى مؤلمة أخرى.

فالحقوق التي يتحدث عنها العالم ما زالت بعيدة المنال عن الملايين هناك.

كشمير لا تحتاج إلى تعاطف عابر، بل إلى اعتراف حقيقي وشجاعة دولية لمواجهتها كما هي.

وحتى يحدث ذلك، سيبقى العاشر من ديسمبر يومًا عالميًا للاحتفال، لكنه في كشمير سيظل علامة استفهام صامتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى