
عقد في لاهور مؤتمر جامع لجميع أحزاب الحرية في آزاد جامو وكشمير، وسط تحذيرات جدية من تصاعد الانتهاكات الهندية بحق السكان الكشميريين وتأثيرها على الأمن والاستقرار في جنوب آسيا.
المؤتمر استمر ثلاثة أيام، وجمع قيادات سياسية ودينية، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات حقوقية دولية، لمناقشة الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الكشميري وآليات دعم حقوقه الأساسية وفق القانون الدولي.
غلام محمد صافي، منسق المؤتمر، أكد في كلمته أن السياسات الهندية في كشمير تشبه إلى حد كبير الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية،
مشيرًا إلى أن الاحتلال الهندي يعتمد على الحصار العسكري، تغييرات ديموغرافية، التضييق على الحريات السياسية، الاعتقالات التعسفية، وتشويه سمعة المقاومة باسم الإرهاب.
وأضاف أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهدد التوازن الاستراتيجي في جنوب آسيا، خاصة في ظل امتلاك الهند لإمكانات نووية.
وأشار صافي إلى أن الشعب الكشميري يعاني منذ عقود من حرمان مستمر من حقوقه الأساسية، وأن استمرار الصمت الدولي يشجع الدولة الهندية على تكثيف سياساتها التعسفية دون أي مساءلة.
واعتبر المؤتمر أن الدعم الباكستاني المستمر للشعب الكشميري ليس مجرد موقف سياسي، بل واجب أخلاقي وإنساني، يعكس العلاقة التاريخية والعاطفية والدينية بين الشعبين.
القمع الهندي وحقوق الإنسان
تطرقت جلسة المؤتمر الأولى إلى الانتهاكات الهندية ضد المدنيين في كشمير المحتلة، والتي تشمل تغييرات ديموغرافية ممنهجة عبر منح تصاريح إقامة لغير الكشميريين، تعديل الدوائر الانتخابية، واعتقال القيادات المحلية والشباب.
وقالت منظمة العفو الدولية إن هذه السياسات تمثل “انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتهدد مستقبل التمثيل السياسي والمجتمع المدني في كشمير”.
وأكدت أن استمرار الصمت الدولي يعني تواطؤًا غير مباشر مع القمع، وأن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك الفوري لضمان حماية الحقوق الأساسية.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن استخدام الهند للقوانين الطارئة لتجريم النشاط السياسي المحلي يعرض حرية التعبير للخطر، ويزيد من تهميش المجتمع المدني، ويحول دون قدرة السكان على ممارسة حقوقهم في المقاومة السلمية.
وأضافت أن هذه الإجراءات تمثل تهديدًا طويل الأمد لاستقرار المنطقة، حيث أن استمرار القمع يزيد من احتمالية تصعيد النزاع.
وفي سياق متصل، أشار صافي إلى أن استمرار الهند في انتهاك قرارات الأمم المتحدة الخاصة بكشمير يمثل تهديدًا مباشرًا للسلام، مؤكدًا أن حق تقرير المصير للشعب الكشميري هو قاعدة أساسية لتحقيق أي استقرار مستدام في جنوب آسيا. واعتبرت منظمات حقوقية دولية أن الحلول السياسية تتطلب إشرافًا عالميًا، لضمان منع أي تجاوزات مستقبلية من قبل الهند.
العلاقة الهندية-الإسرائيلية: التعاون في استراتيجيات القمع
ركز المؤتمر على العلاقة المتنامية بين الهند وإسرائيل، مشيرًا إلى أن التعاون العسكري والتكنولوجي بين الدولتين يعزز قدرة الهند على فرض السيطرة على كشمير.
وقال صافي إن هذا التعاون يشمل تبادل الخبرات في استخدام التكنولوجيا الحديثة والأسلحة القمعية، ما يعكس نمطًا مشتركًا في إدارة النزاعات في الأراضي المحتلة.
وأكدت منظمة التعاون الإسلامي أن هذا التعاون يمثل تهديدًا مباشرًا للحق في تقرير المصير، وأن تجريم الحرية واستخدام القوة العسكرية لقمع المقاومة الشعبية يعكس سياسة قمع مشتركة تتجاوز الحدود الوطنية.
وأضافت المنظمة أن “الوحدة بين المسلمين في باكستان وكشمير وفلسطين تمثل دعامة أخلاقية وضغطًا دبلوماسيًا دوليًا”، موضحة أن التضامن ليس خيارًا بل واجبًا إنساني وأخلاقي.
وأشار خبراء سياسيون مشاركون إلى أن ربط السياسة الهندية بالسياسة الإسرائيلية يعكس اتجاهًا عالميًا خطيرًا، وأن هذا التعاون قد يؤدي إلى تعقيد الحلول الدبلوماسية المستقبلية، ويزيد من احتمالية التصعيد في مناطق النزاع.
واعتبرت التحليلات الدينية أن الجهود الروحية والسياسية يجب أن تسير جنبًا إلى جنب، لتعزيز موقف المجتمع الدولي في الضغط على الدولة المحتلة للالتزام بالقانون الدولي.
التداعيات الإقليمية: الأمن والاستقرار في جنوب آسيا
حذر المؤتمر من أن استمرار السياسات الهندية في كشمير يشكل تهديدًا للتوازن الاستراتيجي في جنوب آسيا، حيث أن أي حادث صغير قد يؤدي إلى مواجهة بين قوتين نوويتين.
وقال صافي إن الأمن الإقليمي مرتبط مباشرة بحقوق الإنسان في كشمير، وأن عدم الالتزام بالقانون الدولي يعقد فرص الحل السلمي.
وأوضحت الهيئة الدولية لحقوق الإنسان في آسيا أن استمرار القمع وغياب الحل السياسي يجعل جنوب آسيا منطقة توتر دائم، وأن تحقيق السلام المستدام مرتبط بتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الكشميري.
وشدد الخبراء على ضرورة الاعتراف الدولي بأن النزاع ليس قضية داخلية، بل قضية دولية جوهرية تتطلب إشرافًا عالميًا.
وأشار صافي إلى أن الهند تحاول تهميش النزاع عبر الرواية الرسمية التي تصفه بأنه شأن داخلي، وهو ما يرفضه المجتمع الدولي، بحسب قرارات الأمم المتحدة والتقارير الحقوقية الدولية.
ودعا إلى إنشاء آليات رقابية لمراقبة حقوق الإنسان، ومتابعة الإفراج عن السجناء السياسيين، ورفع القيود على الاتصالات، مؤكداً أن هذه الإجراءات تمثل خطوات ضرورية لضمان استقرار المنطقة.
دور المجتمع المدني والديني: التضامن والحلول المستقبلية
أكد صافي أن دعم الشعب الكشميري واجب أخلاقي وإنساني، وأن الأمة الإسلامية يجب أن توحد صوتها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين والكشميريين على حد سواء.
وقالت المنظمات الدينية الدولية إن التضامن الروحي والسياسي يجب أن يسير جنبًا إلى جنب، حيث يمثل البعد الأخلاقي دعمًا حقيقيًا للضغط الدولي على الهند لوقف الانتهاكات.
وأشار المؤتمر إلى أن التنسيق بين المجتمع المدني، السياسي، والديني يمثل قوة ضاغطة، ويساعد في توسيع مساحة التأثير الدولي.
وذكرت التحليلات السياسية أن إشراك المنظمات الحقوقية والدينية يعزز فعالية أي جهود لحماية حقوق الإنسان، ويجعل الدعوات للسلام أكثر شرعية دوليًا وأخلاقيًا.
وشدد صافي على أن السلام الدائم في جنوب آسيا يعتمد على التزام المجتمع الدولي بالقانون الدولي، وأن أي تأجيل في تحقيق حق تقرير المصير للشعب الكشميري سيؤدي إلى استمرار النزاعات، وانعدام الاستقرار، وتصاعد التوترات بين القوى الإقليمية والدولية.
وأضافت المنظمات الحقوقية والدينية أن العمل المشترك بين القوى السياسية والمدنية والدينية يشكل مفتاحًا لضمان محاسبة الهند عن الانتهاكات، وتحقيق العدالة للشعب الكشميري، وضمان احترام كرامة الإنسان في المنطقة
وختم صافي كلمته بالدعوة إلى أن يكون صوت الأمة الإسلامية موحدًا وقويًا، مع التأكيد على أن تحقيق الحقوق الأساسية للشعب الكشميري شرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي.
يعكس مؤتمر لاهور حجم القمع المستمر في كشمير، والتحديات الإقليمية والدولية الناجمة عن السياسات الهندية، خاصة مع التعاون العسكري مع إسرائيل.
ويبرز المؤتمر أهمية التضامن الدولي، وضرورة إشراك المجتمع المدني والديني والحقوقي لضمان محاسبة الدول المحتلة، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الكشميري، وهو شرط أساسي لتحقيق السلام والاستقرار في جنوب آسيا.



