
شهدت مدينة غازي آباد في ولاية أوتار براديش في الهند حادثة عنف طائفي مقلقة ضد عائلة مسلمة بعد انتشار فيديو للفتاة القاصر تعلن فيه رغبتها في تناول لحم البقر.
اقتحم مجموعة من الغوغاء، مرتبطين بمنظمات هندوتفا مثل باجرانج دال وهندو راكشا دال، منزل العائلة ووجهوا تهديدات وشتمًا بذيئًا لوالدة الفتاة.
قاد الهجوم داكش تشودري، المعروف بسجل طويل من العنف والتحريض على الكراهية، مما أثار غضبًا واسعًا في الأوساط المحلية والدولية.
وتأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد التوترات الطائفية في الهند، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الهجمات على المسلمين وأقليات دينية أخرى.
ويشير خبراء إلى أن خطابات الكراهية التي يروج لها بعض الزعماء المحليين على منصات التواصل الاجتماعي تساهم في تأجيج العنف، فيما تبدي السلطات المحلية أحيانًا ترددًا في التحرك ضد المعتدين.
ويؤكد محللون أن مثل هذه الهجمات ليست معزولة، بل تمثل جزءًا من نمط أوسع من الانقسامات الاجتماعية والدينية التي تهدد السلم الأهلي في البلاد.
الوضع السياسي والديني في أوتار براديش
ولاية أوتار براديش، الأكثر سكانًا في الهند، تشهد توترًا دينيًا متزايدًا منذ عدة سنوات، خاصة بعد صعود تيارات هندوتفا المتشددة التي تربط الهوية الهندوسية بالسياسة المحلية. وتعكس هذه التيارات خطابًا يهاجم الأقليات المسلمة ويصورها كمصدر تهديد للهوية الوطنية.
وفقًا لمحللين سياسيين، فإن تصاعد هذه الحوادث مرتبط جزئيًا بسياسات حكومية ضعيفة في حماية الأقليات، وتغاضي بعض السلطات المحلية عن تحريض الزعماء الدينيين.
كما يشيرون إلى أن انتشار الفيديوهات التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى تحريك مجموعات مسلحة محلية ضد المدنيين المسلمين، وهو ما حدث في حادث غازي آباد الأخير.
تاريخيًا، شهدت أوتار براديش عدة موجات عنف طائفي، من أبرزها أحداث 2013 في مظاهرات مذهبية كبيرة، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى، مؤكدين على أن الحكومة المركزية والولايات بحاجة إلى وضع آليات صارمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
آراء سياسية وردود الفعل الدولية
ردود الفعل على الحادثة كانت متباينة، حيث أدانت منظمات حقوقية محلية ودولية الهجوم ووصفت ما حدث بأنه انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وأكدت جماعات حقوقية أن تصاعد الإسلاموفوبيا في الهند يشكل تهديدًا للأمن الاجتماعي ويضع الأقليات في حالة خوف دائم.
على المستوى السياسي، اتهم بعض نواب المعارضة حكومة ولاية أوتار براديش بالتقاعس عن حماية المدنيين، ودعوا إلى تدخل سريع لمعاقبة المعتدين وضمان حماية الفتاة وعائلتها. في المقابل، لم تصدر الحكومة المحلية تصريحات واضحة حول الاعتداء على الفور، وهو ما زاد من الغضب الشعبي وانتقادات وسائل الإعلام.
أما على المستوى الدولي، فقد أعربت بعض السفارات ومنظمات الأمم المتحدة عن قلقها من تصاعد العنف الطائفي في الهند، مطالبة الحكومة بضمان سيادة القانون وحماية حقوق الأقليات.
وأشار مراقبون إلى أن هذه الحوادث قد تؤثر على صورة الهند الدولية، خصوصًا في سياق التزامها بحقوق الإنسان وحرية المعتقد، مشددين على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للانقسامات الدينية والتوترات المجتمعية.
تظل القضية مؤشرًا واضحًا على حاجة الهند إلى إعادة تقييم سياساتها الداخلية تجاه الأقليات، وتعزيز آليات إنفاذ القانون، ومحاسبة المتورطين في التحريض على العنف.
وفي ظل استمرار خطاب الكراهية وتنامي جماعات التطرف المحلي، يبقى المجتمع الهندي أمام تحدٍ كبير للحفاظ على الوحدة الوطنية والمساواة بين جميع المواطنين، بغض النظر عن الدين أو المعتقد.



