27 أكتوبر: يوم كشمير الأسود عندما كانت الجنة في قفص

عدنان رشيد
يُذكر يوم 27 أكتوبر بأنه يوم أسود في تاريخ جامو وكشمير المحتلة من قبل الهند، يومٌ سُلبت فيه الحرية وحُبست فيه الجنة. يُمثل هذا اليوم بداية كابوسٍ لا ينتهي لملايين الكشميريين الذين كُممت أصواتهم لأكثر من سبعة عقود.
كان يوم دخول قوات الاحتلال الهندية إلى سريناغار في 27 أكتوبر 1947، بذريعة استعادة النظام، بمثابة بداية أحد أحلك الفصول في تاريخ جنوب آسيا،
ويُذكر الآن بيوم كشمير الأسود. يُحيي الكشميريون في جميع أنحاء العالم هذا اليوم سنويًا احتجاجًا على الاحتلال الهندي غير الشرعي، ولتأكيد مطالبهم بحق تقرير المصير الذي وعدت به الأمم المتحدة.
تعود أصول هذا اليوم إلى الأحداث التي أعقبت تقسيم شبه القارة الهندية، عندما احتلت الهند بالقوة ولاية جامو وكشمير، ذات الحق القانوني في تقرير مصيرها، بعد التوقيع المثير للجدل على ما يسمى بوثيقة الانضمام.
ما زُعم أنه تدخل عسكري مؤقت لمساعدة المهراجا سرعان ما تحول إلى وجود دائم غيّر مجرى تاريخ كشمير. ومنذ ذلك الحين، حُرم شعب جامو وكشمير من حقوقه الأساسية، وتعرض لحظر التجول والرقابة والاحتلال.
يوم كشمير الأسود ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو تذكير قوي بالخيانة والمقاومة والصمود. لأكثر من سبعة عقود، عانى شعب جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية من أحد أكثر الاحتلالات عسكرة في العالم.
أصبحت المجازر والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والعنف الجنسي سمات متكررة في واقعهم المعيشي. تكشف حوادث مثل عمليات الاغتصاب الجماعي في كونان-بوشبورا عام 1991، والقتل خارج نطاق القضاء لبرهان واني عام 2016، واغتصاب وقتل آصفة بانو عام 2018، عن الإفلات المؤسسي من العقاب الذي يحدد سياسة الهند في كشمير.
وعلى الرغم من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تؤكد حق الكشميريين في الاستفتاء، إلا أن هذا الوعد لم يتحقق – مما يحول مأساة تاريخية وجيزة إلى كفاح مستمر من أجل العدالة والكرامة والحرية.
على مدى العقود التي تلت ذلك، قوبلت كل محاولة للمقاومة السلمية بعنف الدولة. وشهدت التسعينيات حملات قمع عسكرية غير مسبوقة، واعتقالات تعسفية، وتعذيبًا واسع النطاق.
وطُوّقت مدن بأكملها، وتشرّدت عائلات، واختفى الآلاف دون أثر. وشاهد العالم في صمت كشمير وهي تُصبح مرادفًا للمعاناة.
ومع مرور الزمن، لم تُدمَر جروح الماضي. وكان إلغاء المادة 370 في أغسطس/آب 2019 بمثابة اعتداء آخر على هوية كشمير واستقلالها. وبسحبها وضعيتها الخاصة، لم تنتهك الهند التزاماتها الدستورية فحسب، بل عمّقت أيضًا عزلة الملايين.
أدى انقطاع الاتصالات الذي أعقب ذلك إلى إسكات شعب بأكمله، وعزلهم عن بقية العالم. دعت جماعات حقوق الإنسان والصحفيون والمراقبون الدوليون مرارًا وتكرارًا إلى السماح لهم بالوصول، لكن الحقيقة ظلت مدفونة تحت حظر التجول والخوف.
وكما ذكّر أحد بيانات الأمم المتحدة، “يجب أن يكون شعب جامو وكشمير قادرًا على التعبير عن تطلعاته السياسية دون خوف”. ومع ذلك، في الواقع، تم تجريم هذه التطلعات.
تقف كشمير اليوم عند مفترق طرق، ويعاني شعبها من حرب جسدية ونفسية. يكبر الأطفال محاطين بنقاط التفتيش والجنود وقصص الخسارة. يواجه الشباب البطالة واليأس، بينما يحمل كبار السن ذكريات الوعود التي تم إخلاؤها مرارًا وتكرارًا.
يروي كل منزل في الوادي قصة صمود: قصة أمهات ينتظرن أبنائهن المختفين، وآباء محتجزين ظلماً، وأجيال ترفض التخلي عن هويتها.
بالنسبة لهم، ليس السابع والعشرون من أكتوبر مجرد ذكرى، بل هو تذكير حيّ بخذلان ضمير العالم لهم.
إنه يوم يتساءل فيه الناس لماذا يفقد القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان معناها عندما يتعلق الأمر بكشمير. إن نضال كشمير ليس صرخة حرب، بل من أجل الكرامة والسلام وحق تقرير المصير.
إنه دعوة للمجتمع الدولي للارتقاء فوق الصمت والمعايير المزدوجة. يجب على الأمم المتحدة والقوى العالمية والمدافعين عن حقوق الإنسان تجديد التزامهم بالعدالة في كشمير، ليس فقط من خلال البيانات، بل من خلال الإجراءات الدبلوماسية والإنسانية الهادفة.
لن يغفر التاريخ اللامبالاة، ولن يتلاشى ألم الشعب مع مرور الوقت. ستظل كشمير اختبارًا لضمير الإنسانية، ويذكرنا السابع والعشرون من أكتوبر في كل عام بأن السلام لا يمكن أن يتحقق بدون عدالة.
بالنسبة لشعب كشمير، هذا اليوم الأسود هو تعبير عن الحزن وتأكيد على صمودهم.
ما زالوا يأملون أن تنكسر قيود الاحتلال يومًا ما، وأن تتنفس الجنة التي اشتهرت بجمالها عبير الحرية من جديد. وحتى يأتي ذلك اليوم، فإن السابع والعشرين من أكتوبر سيظل رمزا مهيباً للمقاومة والذكرى والإرادة الثابتة لشعب يرفض أن ينسى حقه في تقرير المصير.