من الحرية المسلوبة إلى الأصوات المتمردة: نضال كشمير على مدى 76 عامًا

إن الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في كل مكان.” – مارتن لوثر كينغ جونيور
أُعيد رسم خريطة جنوب آسيا خلال تقسيم عام ١٩٤٧، الذي أثمر عن ولادة دول جديدة وأشعل آمال الحرية لدى الملايين. أثر هذا التقسيم على الولايات الأميرية.
ومن بين أكثر الولايات الأميرية تضررًا جامو وكشمير؛ أرضٌ خاضعةٌ لمطالباتٍ متنافسة، بينما لم يكن سكانها يسعون سوى إلى الحق الأساسي في اختيار مستقبلهم.
وُعِدَ الكشميريون ذات يومٍ بمنحهم هذا الخيار، وهو وعدٌ قطعه المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، لكن التاريخ اتخذ منعطفًا أكثر قتامة.
بدلاً من الحرية، خيّم شبح الاحتلال. وبدلاً من صناديق الاقتراع، حلّ الحُراب. قرارٌ كان من المفترض أن يكون ديمقراطيًا، أدّى إلى قصةٍ دامت عقودًا من القمع والفقدان والصمود. بدأت هذه القصة في يومٍ واحد؛ 27 أكتوبر/تشرين الأول 1947، الذي يُذكر الآن بأنه يوم كشمير الأسود.
هذا اليوم 27 أكتوبر، تذكير بالوعود الكاذبة والنضالات التي لا تنتهي من أجل الكرامة والأحلام المحطمة، يوم محفور في ذاكرة الملايين. تبدأ الحكاية في عام 1947، عندما حُرم شعب جامو وكشمير من حقه في تقرير المصير.
ما كان ينبغي أن يكون خيارًا ديمقراطيًا تحول إلى احتلال عسكري.
إنه يمثل اليوم الذي وصلت فيه القوات الهندية إلى سريناغار متظاهرة بتقديم المساعدة، ولكن في الواقع، بدأت في السيطرة على المنطقة. تحول ما ادعى أنه عمل وقائي إلى مطالبة بالملكية، مما أثار مأساة استمرت لأكثر من سبعين عامًا.
اليوم الأسود ليس مجرد إحياء ذكرى تاريخية، بل هو حقيقة حية. إنه يمثل 76 عامًا من الوعود الكاذبة والتعهدات غير المنجزة لشعب كشمير.
أوضح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال قراريه 1948 و1949، أن للشعب الكشميري الحق في تقرير مستقبله من خلال تصويت عادل وغير متحيز.
ولكن هذا الوعد لم يتحقق أبدا، بل حل محله العنف المستمر، والاختفاء القسري، وانقطاع الاتصالات، ومواقع الدفن الجماعي، والقتل خارج نطاق القضاء، وقمع الحريات الأساسية.
ما يجعل هذا اليوم أكثر إيلامًا هو التناقض العميق بين ادعاء الهند بأنها ديمقراطية وأفعالها في جامو وكشمير.
تفخر الهند بأنها أكبر ديمقراطية في العالم، ولكن في جامو وكشمير، حولت الديمقراطية إلى أداة للسيطرة. يواجه الأشخاص الذين يتحدثون من أجل العدالة اتهامات بالفتنة، ويتم إسكات الصحفيين وحتى الحداد يُنظر إليه على أنه تمرد.
أدى إلغاء المادة 370 و35A في أغسطس 2019 إلى تفاقم الأمور حيث تم إلغاء الوضع الخاص لكشمير، وإنهاء استقلالها وفتح الباب أمام سياسات لتغيير السكان تحت ستار جمع الجميع معًا. إن ما يسمى بسرد التنمية الذي تم الدفع به منذ عام 2019 يبدو أجوفًا في مواجهة العسكرة المستمرة وانتهاكات حقوق الإنسان.
بعد أشهر من إزالة هذه المواد، تم اعتقال الآلاف من القادة والناشطين وعامة الناس.
أصبح إغلاق الإنترنت والاعتقالات العشوائية والتعتيم الإعلامي الكامل هو الوضع الطبيعي الجديد. إن صمت المجتمع الدولي لم يؤد إلا إلى تفاقم الوضع بالنسبة للشعب المضطهد.
ومع ذلك، وسط الظلام، لا يزال شعب جامو وكشمير قويًا. من الشباب الذين يواصلون التحدث علنًا حتى مع خطر السجن إلى أمهات المختفين اللواتي يسيرن بصور أبنائهن؛ روح المقاومة لا تموت أبدًا.
برهان واني، الشاب الذي أصبح رمزًا للمقاومة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يوضح كيف يُنظر إلى النضال الآن ليس كقضية سياسية فحسب، بل كصراع من أجل الهوية والبقاء.
لا يتوقف ألم كشمير عند حدودها، إنه تحدٍ أخلاقي للعالم؛ انعكاس لكيفية فشل المؤسسات الدولية في الوفاء بالمبادئ التي بُنيت عليها.
الأمم المتحدة التي كانت تدافع عن العدالة في يوم من الأيام، سمحت لهذه القضية أن تصبح مجرد مسألة بيروقراطية أخرى.
في غضون ذلك، اختارت القوى العالمية التي تتحدث عن حقوق الإنسان مصالحها الخاصة على فعل الشيء الصحيح.
بينما يتذكر العالم هذا اليوم، فإنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن شعب جامو وكشمير لا يزال يعيش في ظل واحدة من أكثر المناطق تسليحًا في العالم. كل حظر تجول وكل احتجاج وكل دمعة صامتة تُظهر شعبًا لن يتخلى عن حقه في تقرير مستقبله.
يوم كشمير الأسود ليس مجرد تذكر للماضي، بل هو مواجهة الحاضر والمطالبة بالمستقبل، حيث تحل العدالة محل القمع وحيث يتم الوفاء بالوعود بدلاً من كسرها.
يجب على العالم أن يقرر ما إذا كان سيستمر في تجاهل أصوات الكشميريين أو الوقوف أخيرًا مع أولئك الذين لم يُسمع لهم صوت لأجيال.
اليوم الأسود ليس مجرد حداد، بل هو مقاومة وذاكرة وأمل في أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته أخيرًا.
وبينما نحتفل بذكرى السابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، يظل السؤال مطروحا: إلى متى ستظل صرخات كشمير غير مسموعة في ضمير العالم؟