كشمير

مداهمات واسعة في كشمير المحتلة… قمع ممنهج تحت غطاء القانون

في تصعيد جديد لسياسة القمع في جامو وكشمير المحتلة من قبل الهند (IIOJK)، نفّذت وكالة التحقيقات الوطنية الهندية (NIA)، المدعومة بقوات الشرطة والقوات شبه العسكرية، موجة واسعة من المداهمات الأمنية في عدد من المناطق الجنوبية والشمالية من الإقليم.

وبحسب ما نقلته ” كشمير للخدمات الإعلامية”، فقد طالت المداهمات المتزامنة مناطق إسلام آباد (أنانتناغ)، وشوببيان، وكولجام، وبارامولا، وبانديبورا.

وأفاد سكان محليون بأن المنازل فُتشت بشكل عنيف، وجرى تطويق الأحياء بالكامل، بينما تعرّض السكان – بمن فيهم النساء وكبار السن – للمضايقة والتفتيش المهين.

انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان

يقول الناشط الحقوقي الكشميري المقيم في سريناغار، شوكت لون: “ما يحدث ليس إجراءً أمنيًا بل أسلوب منظم للترهيب.

تُستخدم قوانين قمعية مثل UAPA كسلاح ضد المدنيين العُزّل، بهدف خنق أي صوت يطالب بالحرية أو العدالة.”

تُنفذ هذه العمليات تحت غطاء قانون منع الأنشطة غير القانونية (UAPA)، الذي طالما وصفته منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية بأنه أداة للعقاب الجماعي، تُستخدم ضد الصحفيين والنشطاء والمعارضين.

وصرّحت سوهينا جوسوامي، المحللة في منظمة العفو الدولية  جنوب آسيا قائلة:”تُظهر هذه الممارسات كيف تحوّلت كشمير إلى مختبر للقمع القانوني.

لا توجد ضمانات قانونية، ولا محاكمات عادلة. بل هناك تجريم ممنهج لأي شكل من أشكال المعارضة.”

حياة تحت الحصار والخوف 

أوضح شهود عيان أن الجنود قاموا بتكسير أبواب بعض المنازل دون سابق إنذار، واحتجاز بعض الشباب لساعات دون توجيه تهم واضحة، فيما صادرت القوات هواتف نقالة، وأجهزة كمبيوتر، وبعض الوثائق الشخصية.

يقول أحد سكان كولجام، فضّل عدم الكشف عن هويته: “لقد عشنا ساعات من الرعب. سألونا عن أشياء لا نفهمها. كانت زوجتي تبكي وأطفالي مذعورين. هل هذا هو السلام الذي يتحدثون عنه؟”

وأكدت مصادر محلية أن المداهمات لم تسفر عن أي اعتقالات رسمية، مما يثير الشكوك حول أهدافها الحقيقية، وسط اتهامات بأنها مجرد عروض ترهيب سياسي تهدف إلى قمع البيئة الاجتماعية في الإقليم المحتل.

خبراء: هذا هو الواقع الحقيقي خلف خطاب “السلام”

يرى محللون سياسيون أن هذه التطورات تناقض الخطاب الرسمي لحكومة ناريندرا مودي التي تروّج لاستعادة “الحياة الطبيعية” في كشمير منذ إلغاء المادة 370 عام 2019.

وقال الدكتور عابد الرحمن، الباحث في شؤون جنوب آسيا: “ما يحدث الآن يُظهر الحقيقة المجردة: لا يوجد شيء اسمه حياة طبيعية في كشمير. هناك احتلال، مقاومة، وقمع يومي تُمارسه دولة تُحاول إعادة تشكيل الواقع عبر القوة.”

كما أشار إلى أن استمرار هذه الممارسات قد يزيد من مشاعر الاستياء والغضب الشعبي، خاصة مع غياب أي أفق لحل سياسي عادل.

ردود فعل غاضبة من داخل وخارج كشمير

وأثارت الحملة ردود فعل غاضبة من القيادات السياسية والمجتمعية. فقد نددت هيئة مؤتمر الحريات (APHC) بهذه العمليات، ووصفتها بأنها امتداد لسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها الهند في كشمير.

في بيان لها، قالت APHC: “ما يحدث ليس إلا محاولة فاشلة لإسكات إرادة الشعب الكشميري، الذي لن يتراجع عن مطالبه بالحرية وتقرير المصير، رغم كل أشكال البطش.”

من جانبها، طالبت جمعية المحامين الكشميريين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإرسال بعثات لتقصي الحقائق، والتحقيق في الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي في الإقليم.

أين المجتمع الدولي؟

في ظل الصمت الدولي المتواصل، تتصاعد التساؤلات في كشمير حول ما إذا كانت المعايير الحقوقية الغربية تُطبّق بانتقائية.

ويقول الناشط سجاد مير: لو حدث هذا في أي مكان آخر، لكان هناك إدانة شاملة. لكن يبدو أن كشمير خارج حسابات الضمير العالمي.

تشير هذه الحملة الأمنية إلى أن الهند لم تتخل عن مقاربتها الأمنية العنيفة في كشمير، بل تُعيد تدويرها بأشكال قانونية جديدة. ومع غياب الحلول السياسية وتصاعد القمع،

فإن أجواء الغضب الشعبي مرشحة لمزيد من الاحتقان، بينما يبقى المجتمع الدولي في موقع المتفرج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى