
في خطوة غير مسبوقة أثارت قلق الحكومة المركزية في الهند، أعلنت حكومة ولاية مانيبور توقيع اتفاق مع جماعات كوكي المسلحة، لتكون هذه المرة الأولى التي تستجيب فيها نيودلهي لمطالب المسلحين في المنطقة.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يمثل انتصارًا سياسيًا ونفسيًا للأقليات المضطهدة، ويكشف عن هشاشة قبضة الدولة الهندية على شمال شرق البلاد.
بنود الاتفاق
بحسب كشمير للخدمات الإعلامية، يتضمن الاتفاق إعادة فتح الطريق السريع الوطني رقم 2، وهو شريان استراتيجي يربط ولايتي آسام وميزورام، إضافة إلى نقل سبعة معسكرات كوكي بعيدًا عن مناطق التوتر،
فضلًا عن ترتيبات أمنية مشتركة بين القوات الهندية ومسلحي كوكي لحماية طرق التجارة الحيوية.
ويرى محللون أن هذه التنازلات تمثل اعترافًا غير مباشر من الحكومة المركزية بفشل سياساتها القمعية التي اتبعتها لعقود، وبأنها اضطرت أخيرًا إلى الجلوس على طاولة المفاوضات بدلًا من فرض الحلول الأمنية بالقوة.
نصر نفسي للأقليات
علق محللون سياسيون على الاتفاق بوصفه “نصرًا نفسيًا” للأقليات في مانيبور. وقالوا إن الكوكي أثبتوا أنهم لم يُجبروا على الاستسلام، بل تمكنوا من إجبار دلهي على التنازل بشروطهم.
وأضافوا: “هذا الاتفاق يتجاوز كونه هدنة مؤقتة، إنه اعتراف بكرامة المجتمعات التي عانت من التهميش والعنف لعقود طويلة.”
خلفية الصراع في مانيبور
شهدت مانيبور منذ مايو 2023 أعمال عنف دموية بين جماعات كوكي المسيحية والأغلبية الميتئي الهندوسية، ما أسفر عن نزوح أكثر من 60 ألف شخص وتدمير قرى وكنائس بأكملها.
واتُهمت القوات الحكومية بتوفير الحماية لميليشيات محلية، بينما منح قانون القوات المسلحة (الصلاحيات الخاصة) الجنود حصانة واسعة من الملاحقة، وهو ما أدى إلى غياب العدالة للضحايا.
في هذا السياق، ينظر الكثير من النازحين والضحايا إلى الاتفاق كـ لحظة أمل وفرصة لتصحيح المسار، بعد سنوات من القمع وغياب الحلول السياسية.
انعكاسات على بقية الحركات التحررية
يرى المعلقون أن نجاح الكوكي في انتزاع تنازلات من نيودلهي قد يشكل إلهامًا لحركات المقاومة الأخرى في مناطق مثل كشمير والبنجاب وناغالاند، حيث تعاني الأقليات من أوضاع مشابهة من التهميش والإقصاء.
وقالوا إن الاتفاق يكشف عن التناقض بين صورة الهند في الخارج كقوة ديمقراطية صاعدة، وبين واقعها الداخلي الذي يضطرها إلى تقديم تنازلات سرية لضمان الاستقرار.
بُعد تاريخي
يأتي الاتفاق امتدادًا للنضال التاريخي لشعب كوكي، الذي يعود إلى ثورة الأنجلو كوكي عام 1917 ضد الاستعمار البريطاني.
واليوم، يرى محللون أن السيطرة على الطريق الوطني الثاني لا تمثل مكسبًا جغرافيًا فقط، بل تمنح الكوكي نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا يعزز مكانتهم في موازين القوى.
مستقبل غامض
رغم الترحيب الحذر بالاتفاق، لا تزال الأسئلة قائمة حول مدى التزام الحكومة الهندية بتعهداتها، وما إذا كان هذا الاتفاق سيفتح الباب أمام مفاوضات أوسع حول الحكم الذاتي والحقوق الدستورية للأقليات في شمال شرق الهند.
ويرى البعض أن هذه الخطوة قد تُشعل مطالب مشابهة في ولايات أخرى، ما يزيد من الضغوط على نيودلهي لإعادة النظر في سياساتها تجاه الهويات المتعددة داخل البلاد.