مقالات

إذا تم شنق محمد ياسين مالك

الطاف حسين واني

قصة ياسين مالك، من نواحٍ عديدة، هي قصة كشمير نفسها: قصة شجاعة وتضحية وسعي دؤوب نحو الكرامة.

منذ سنواته الأولى في المقاومة المسلحة وحتى قراره لاحقًا باعتماد النضال السياسي السلمي، أثبت مالك بثبات بُعد نظره وشخصيته القوية.

رحلته ليست رحلة رجل يسعى وراء المحسوبية أو المصالح، بل رحلة قائد عازم على استكشاف كل سبيل ممكن لتحقيق العدالة لشعبه.

ولقد هزت خطة الهند لإسكاته في السجن مشاعر الكشميريين الذين ما زالوا متمسكين بالأمل في النضال السلمي من أجل حرية وطنهم.

عندما اختار مالك نبذ التشدد في منتصف التسعينيات، لم يكن ذلك ضعفًا أو إرهاقًا، كما أشار بعض منتقديه، بل عن قناعة راسخة.

أدرك أن دوامة العنف تستنزف أجيالًا، وأن النضال الكشميري يتطلب صوتًا سياسيًا، لا مجرد صوت مسلح.

وبتوجهه نحو السياسة السلمية، منح الهند والعالم فرصة استثنائية لحل الصراع الطويل الأمد عبر الحوار.

كان قرارًا يتطلب شجاعةً ورؤيةً ثاقبة، إذ عرّضه لانتقادات من جهات متعددة. ومع ذلك، أصرّ مالك، مُجسّدًا مبدأ أن القيادة الحقيقية تكمن في الاستعداد لاتخاذ قرارات غير شعبية، وإن كانت ضرورية.

مع ذلك، كشف رد الهند عن التناقضات العميقة الكامنة في صميم سياستها تجاه كشمير. فبدلاً من مكافأة قرار مالك بحوار حقيقي، تعاملت نيودلهي مع سياساته السلمية بريبة وازدراء.

وبينما أقرّ القادة ووسائل الإعلام الهندية، لفترة وجيزة، بالتحول في لهجته، لم تُبذل أي محاولة جادة لإشراكه في مفاوضات جادة.

لم يُرَعَ مالك كشريك سياسي؛ بل رُصد وقُيّد، وفي النهاية أُسكِت. استُبدل وعد الحوار بواقع القمع.

هذا النفاق ينكشف الآن بشكل كامل في سجن مالك والتهديد الوشيك بعقوبة الإعدام. يُظهر هذا أن الهند لم تكن أبدًا مهتمة حقًا بالتواصل مع الأصوات الكشميرية الساعية إلى العدالة، سواءً بالوسائل السلمية أو غيرها.

لقد كان نهج الدولة ثابتًا: إسكات المعارضة، وتجريم المقاومة، والقضاء على القادة الذين يرفضون الانصياع.

ما يجعل هذا الأمر مأساويًا بشكل خاص هو الرسالة التي يوجهها إلى الشعب الكشميري. تُجسّد حياة مالك المسارين اللذين واجههما الشباب الكشميريون: طريق المقاومة المسلحة وطريق النضال السياسي السلمي.

بمعاقبة مالك لاختياره الأخير، أوضحت الهند لشعب كشمير أن الانخراط السلمي لا طائل منه. هذا ليس مجرد ظلم شخصي، بل هو خطأ سياسي تاريخي.

لعقود، ظلّ مالك ثابتًا في دعوته للمقاومة السلمية. تواصل مع المجتمع المدني والجهات السياسية الفاعلة والمنظمات الدولية، مُعبّرًا عن القضية الكشميرية بكرامة ووضوح.

لم يُساوم قط على المطلب الجوهري المتمثل في تقرير المصير،

ولكنه لم يلجأ أبدًا إلى العنف. بهذا المعنى، شكّلت سياسات مالك اختبارًا للهند: هل يُمكنها السماح لزعيم كشميري بمواصلة النضال السلمي دون خوف من الاضطهاد؟ للأسف، كان الجواب لا قاطعًا.

إن موقف الهند الحالي، الذي يسعى لسحق مالك بالسجن وربما حتى بالإعدام، يكشف عن خوف وفشل في آنٍ واحد. خوفٌ لأن سلطة مالك الأخلاقية كمناضل من أجل الحرية تلقى صدىً عميقًا بين الكشميريين، مما يجعله أقوى داخل السجن من العديد من السياسيين خارجه.

فشلٌ لأن الهند، بحرمانه من المساحة، أضاعت فرصةً لحل النزاع عبر الحوار السياسي.

يجب على المجتمع الدولي أن يُدرك خطورة هذه اللحظة. إن الصمت على اضطهاد مالك هو إقرارٌ برسالة مفادها أن النضال السلمي يُمكن تجريمه دون عواقب.

إذا حُكم على مالك، الذي تخلى عن التشدد واعتنق الحوار، بالموت، فما الحافز الذي سيبقى للأجيال القادمة من الكشميريين لاتباع اللاعنف؟ إن سياسات الهند ليست ظالمة فحسب، بل هي قصيرة النظر بشكل خطير.

الخيار أمام الهند صعب. إما أن تواصل نهج القمع، مُكتمةً قادةً مثل مالك، مُؤججةً بذلك الاغتراب والتطرف. أو أن تُقرّ أخيرًا بأن طريق السلام يكمن في الحوار مع ممثلين حقيقيين للشعب الكشميري.

إن ثمن تجاهل هذا الخيار واضحٌ بالفعل في عدم استقرار المنطقة ويأس شبابها المتزايد.

سيذكر التاريخ ياسين مالك كمناضل من أجل الحرية تحلى بالحكمة لمحاولة السلام في وقتٍ كان فيه الآخرون لا يؤمنون إلا بالحرب.

وسيسجل التاريخ خيانة الهند – وليس شجاعته – كفشلٍ ذريع في هذا الفصل.

السؤال الآن هو: هل ستغتنم نيودلهي الفرصة لإنقاذ نفسها من خلال إشراك أصوات مثل صوت مالك، أم ستستمر في إسكاتها، مما يُحكم على كشمير بموجة أخرى من الاضطرابات؟ العالم يراقب، ووقت تحرك الهند بذكاء ينفد بسرعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى