
أعرب خبراء التعليم والباحثون ومحللو السياسات اليوم الاثنين عن مخاوف جدية بشأن تدهور حالة نظام التعليم في البلاد، وحثوا الحكومة على إجراء إصلاحات سياسية عاجلة وشاملة.
في ندوة إلكترونية بعنوان «صياغة المستقبل: إصلاح التعليم العالي في باكستان من خلال ابتكار السياسات»، استضافتها مؤسسة التحالف من أجل الحوكمة الرشيدة، أكد المشاركون أن قطاع التعليم العالي في باكستان يمر بمنعطف حاسم.
فبدون استراتيجية وطنية واضحة، يواجه القطاع خطر تراجع الجودة، وإمكانية الوصول، والأهمية.
افتتحت الدكتورة مباشرة، الخبيرة في الصحة العامة والتعليم، الجلسة واصفةً الوضع بأنه أزمة تعليمية.
وحذّرت قائلةً: بدون إصلاحات جادة، ستواصل مؤسساتنا تخريج خريجين غير مؤهّلين لمواجهة تحديات العالم الحقيقي.
ودعت إلى دمج التعلم العملي والابتكار والمهارات الرقمية في النظام التعليمي.
أكدت كانوال بيجورو، وهي مدافعة عن تعليم الشباب، على اتساع الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية في التعليم، وشددت على ضرورة زيادة الاستثمار في البنية التحتية الريفية، وتدريب أعضاء هيئة التدريس، وتوفير الوصول الرقمي.
وقالت: إن عدم معالجة هذا التفاوت يعني تهميش جيل كامل في المناطق الأقل نموًا.
أكد بيجورو أن التحول الحقيقي لن يتحقق إلا بتمكين المجتمعات النائية والمهمشة من فرص متساوية للحصول على تعليم جيد.
توفير معلمين مدربين
وأضاف: نحن بحاجة ليس فقط إلى توفير المباني، بل أيضًا إلى توفير معلمين مدربين، وتوفير إمكانية الوصول الرقمي، وأدوات التعلم، والتطوير المهني المستمر.
بالتركيز على التعلم القائم على المهارات، أكدت الدكتورة شهيدة نافيد أن نظام التعليم القائم على المهارات هو ركيزة أي اقتصاد مزدهر.
وأشارت إلى أن المستقبل ملكٌ لمن يستطيعون التكيف والتفكير النقدي وتطبيق المهارات العملية.
وأكدت على ضرورة التخلي عن النماذج الأكاديمية القديمة.
وقالت: النجاح لا يقتصر على الشهادات الجامعية، فالمهارات التقنية وريادة الأعمال والإتقان الرقمي هي الركائز الأساسية للاقتصاد الحديث،
حاثةً على توثيق التعاون بين الحكومة وقطاع الصناعة والمؤسسات التعليمية.
نماذج التعليم التقليدية التي تتجاهل هذه العناصر لم تعد مستدامة.
يجب على باكستان تبني التعلم القائم على المهارات إذا أردنا سد الفجوة بين الأوساط الأكاديمية والصناعة.
إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين
لفت سيد ياسر علي، أخصائي المناهج الدراسية، الانتباه إلى المحتوى القديم الذي يُدرّس في العديد من الكليات والجامعات.
وأكد قائلاً: لم يعد إعادة تصميم المناهج خيارًا، بل ضرورة.
ما زلنا نُدرّس نماذج ونظريات من عقود مضت، في عزلة تامة عن التطورات التكنولوجية واحتياجات السوق اليوم.
واقترح إنشاء فريق عمل وطني يضم المعلمين وقادة الصناعة وصناع السياسات لبناء منهج دراسي مرن وقابل للتكيف ومتوافق عالميًا.
اختتم الدكتور طارق خان، منسق التحالف، الجلسة محذرًا من أن باكستان تقف عند مفترق طرق.
وقال: «علينا الاختيار بين الإصلاح والتراجع»،
داعيًا إلى حالة طوارئ تعليمية وطنية، ووضع خارطة طريق موحدة تشمل جميع الجهات المعنية – الحكومة والجامعات والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
وأكد الدكتور خان على ضرورة دمج محو أمية الذكاء الاصطناعي والتعليم البيئي والتعلم متعدد التخصصات
لإعداد جيل قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
تحسين الحوكمة والمساءلة
ودعا المشاركون أيضًا إلى تحسين الحوكمة والمساءلة في مؤسسات التعليم العالي، مسلطين الضوء على الافتقار إلى المراقبة وضمان الجودة في الجامعات والكليات العامة.
اختُتمت الندوة الإلكترونية بقرارٍ بالإجماع يحثّ الحكومات الفيدرالية والإقليمية على اتخاذ خطواتٍ فورية نحو إصلاح السياسات التعليمية،
مع التركيز بشكلٍ خاص على التخطيط طويل الأجل بدلاً من الحلول قصيرة الأجل.
وتضمنت التوصيات الرئيسية إنشاء مجلس وطني للمهارات، ومراجعة هياكل حوكمة التعليم العالي،
وزيادة الاستثمار العام في التعليم إلى 4% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، وإطلاق مبادراتٍ وطنية لتدريب المعلمين.
وأعلنت مؤسسة التحالف من أجل الحكم الرشيد أنها ستقوم بتجميع جميع الاقتراحات ونتائج الأبحاث من الندوة عبر الإنترنت في ورقة بيضاء سيتم تقديمها إلى وزارة التعليم وهيئة التعليم العالي للمراجعة واتخاذ الإجراءات اللازمة.