كشمير

أحلامٌ مُعمّاة.. التكلفة البشرية للقوة «غير المميتة» في كشمير

بتصرف من ألطاف حسين واني، نُشر أصلاً في صحيفة كشمير تايمز، ٢٠٢٥

في أجواء سريناغار الهادئة والهادئة، كان عمر، وهو فتى في السابعة عشرة من عمره، يحلم بأحلامٍ شامخة كشموخ الجبال المحيطة بمنزله.

كان طالبًا مجتهدًا، يوازن بين دراسته وأعماله الشاقة لإعالة أسرته، وكان غالبًا ما يسهر الليل، غارقًا في عالم الرياضيات والعلوم. كانت والدته تراقبه بفخر، وتتخيل مستقبلًا باهرًا لابنها.

ولكن في يومٍ مشؤوم من يوليو ٢٠١٦، تغير كل شيء. فبعد وفاة برهان واني، أحد القادة المسلحين المحليين، اندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء كشمير.

دفعه الفضول وثقل الاضطرابات في الأجواء إلى المغامرة مع أصدقائه. أشرقت الشمس ساطعةً، لكن الجو كان مشحونًا بالتوتر.

وبينما كانوا يقتربون من الفوضى، أطلقت قوات الأمن وابلًا من الرصاص لتفريق الحشد.

في لحظة، أظلمت الدنيا على عمر. أصابته رصاصتان معدنيتان صغيرتان في عينيه، فسقط أرضًا، وشعر بأن العالم من حوله يتلاشى في ضباب.

لم يكن الألم الجسدي شيئًا يُقارن بالدمار النفسي الذي أعقب ذلك. في المستشفى، نقل الأطباء الخبر المفجع:

كلتا عينيه مصابتان بأضرار لا يمكن إصلاحها. تحطمت أحلامه بالتعليم والاستكشاف والمستقبل في تلك اللحظة.

مرت السنوات، وتعلم عمر كيف يشق طريقه في الظلام. أصبح معتمدًا على عائلته حتى في أبسط المهام، محصورًا في غرفة خافتة الإضاءة،

حيث كانت رائحة البلسم الطبي تفوح في الهواء. استقرت أيامه في إيقاع رتيب،

ورغم أنه كان يبتسم كثيرًا وهو يستمع إلى تعليقات الكريكيت على الراديو، إلا أن العالم النابض بالحياة الذي عرفه يومًا ما قد ولى إلى الأبد.

سناء، ضحية أخرى للعنف

لم تكن قصة عمر فريدة من نوعها. سناء، ضحية أخرى للعنف، كانت تطمح لأن تصبح طبيبة. لكن مصادفة طلقات الخرطوش خلال احتجاج فوضوي أفقدتها بصرها بشدة.

تبددت أحلامها وهي تكافح مع واقعها الجديد، مسكونة بالحياة التي كان بإمكانها أن تعيشها. أصبح كل يوم اختبارًا للتحمل، إذ لم تكن تكافح الألم الجسدي فحسب، بل أيضًا العبء النفسي لطموحاتها الضائعة.

واجهت ميهاك أيضًا مصيرًا مشابهًا. كانت طالبة واعدة، لكنها علقت في اشتباك عنيف وأصيبت بطلق ناري أصابها بالعمى الجزئي.

أثقل الألم والضغط النفسي المستمر كاهلها، بينما كافحت عائلتها لتغطية نفقات علاجها. تلاشت أحلام مستقبل مشرق، وحل محلها واقع قاسٍ من التبعية واليأس.

تحول الاستخدام الواسع النطاق لبنادق الخرطوش، التي اعتبرتها السلطات “غير قاتلة”، إلى سلاح دمار، أصاب الآلاف بالعمى وأسكت أصوات الشباب في جميع أنحاء كشمير.

ما بدأ كوسيلة للحفاظ على النظام أصبح رمزًا للمأساة، تاركًا جيلًا يعاني من خسارة فادحة. مع مرور السنين، أصبح عمر وسناء ومِهَك جزءًا من أغلبية صامتة – ضحايا صراع بدا وكأنه نسيهم.

شقوا طريقهم في عوالمهم المظلمة، متمسكين ببصيص أمل، يتوقون إلى العدالة والتقدير. في قصصهم، حملوا عبء أحلامهم التي انقطعت، وغيّرتها إلى الأبد لحظة فوضى في أرض شوّهها الصراع.

سمير زعقوق

كاتب صحفي، وباحث في شئون شبه قارة جنوب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى