
استضاف مركز أفغانستان والشرق الأوسط وأفريقيا في معهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام آباد، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت باكستان، مؤتمرا دوليا لمدة يوم واحد بعنوان:
«باكستان والمنطقة: تعزيز الاتصال الإقليمي، ومعالجة التهديدات غير التقليدية، ومكافحة الإرهاب».
تضمّنت قائمة المتحدثين في الجلسة الافتتاحية السيدة أمينة خان، مديرة مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ والسفير سهيل محمود، المدير العام للمعهد الدولي للعلوم الاجتماعية؛ والسيد همايون خان، مستشار البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت في باكستان؛ والسيد أرنو كيرشوف، القائم بالأعمال في سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية في إسلام آباد. وكان السيناتور مشاهد حسين سيد ضيف الشرف في هذه المناسبة.
وأكدت السيدة أمينة خان في كلمتها الترحيبية أن الوضع المتطور في المنطقة يفرض تحديات كبيرة وفرصًا ذات معنى بالنسبة لباكستان،
مما يؤثر بشكل مباشر على سياستها الخارجية ومشهدها الأمني وطموحاتها الاقتصادية الإقليمية.
وسلطت الضوء على الموقع الاستراتيجي لباكستان عند مفترق طرق جنوب ووسط وغرب آسيا، مؤكدة التزامها بتعزيز العلاقات المستقرة والتعاونية مع أفغانستان وتعزيز الاتصال الإقليمي من أجل الرخاء المتبادل.
أكدت السيدة خان موقف باكستان الثابت ضد الإرهاب، ودعوتها المستمرة إلى بذل جهود أمنية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق إجراءات مكافحة الإرهاب.
واختتمت كلمتها بالإشارة إلى أنه على الرغم من جسامة التحديات، إلا أنها تتيح لباكستان فرصةً حيويةً لتعريف دورها كقوةٍ بنّاءةٍ ومسؤولة.
أشار السفير سهيل محمود، في كلمته، إلى أن العالم يشهد اضطرابات عميقة وتحولات سريعة في النظام العالمي.
وفي ظل هذا المناخ المتغير، يركز النهج الاستراتيجي الباكستاني المتطور الآن على تحولين رئيسيين:
1- اعتماد إطار أمني شامل يعطي الأولوية للرفاهية الاقتصادية والبشرية،
2- والتحول نحو الجيواقتصاد مع التعامل مع تعقيدات الجيوسياسية.
يُسهم هذا النهج بشكل متزايد في تشكيل آفاق السياسة الباكستانية الإقليمية والدولية، ويُحقق بالفعل نتائج مُشجعة.
وأكد على شراكة باكستان الاستراتيجية المتينة والدائمة مع الصين كركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي.
رأى أن التعاون الباكستاني الأفغاني شهد زخمًا متجددًا في الأشهر الأخيرة، مع تبادلات رفيعة المستوى وحوار متنامٍ في مجالات الأمن والتجارة والعلاقات بين الشعوب.
ومع ذلك، لا يزال الإرهاب العابر للحدود يُمثل التحدي الأكثر إلحاحًا، إذ يُؤثر على الأمن الداخلي الباكستاني والاستقرار الإقليمي الأوسع.
علاوةً على ذلك، أكد أن المنطقة تواجه تهديدات متزايدة، بما في ذلك إعادة تنظيم التنظيمات الإرهابية. في الوقت نفسه، أصبح تغير المناخ واقعًا مُلحًا ومعاشًا.
إن السلام والتكامل الاقتصادي والاستدامة البيئية والأمن الإنساني مترابطة ترابطًا وثيقًا، مما يجعل التعاون الإقليمي ليس اختياريًا بل ضروريًا.
كما تناول السفير سهيل محمود التوترات المتصاعدة بين الهند وباكستان، والتي تحولت الآن إلى صراع محتدم.
وأشار إلى أنه في أعقاب هجوم بَهَلْغام، سارعت الهند إلى إلقاء اللوم على باكستان دون إجراء أي تحقيقات جادة أو تقديم أي أدلة موثوقة.
ثم أعقبت ذلك بسلسلة من الإجراءات، بما في ذلك تعليق العمل بمعاهدة مياه السند.
كان هذا الإجراء غير مقبول قانونيًا، في حين أن التهديد بمنع قطرة ماء واحدة من الوصول إلى باكستان أمرٌ مُستهجن أخلاقيًا.
قال إنه في ظلمة ليلة 6-7 مايو، وفي هجوم غير مبرر، وفيما وُصف بأنه «عمل حربي صارخ»، انتهكت الهند سيادة باكستان مستهدفةً عدة أماكن في باكستان وإقليم آزاد كشمير.
وقد أسفر هذا العمل العدواني الهندي عن استشهاد مدنيين، بينهم نساء وأطفال.
وقد أدانت باكستان بشدة هذا العمل الجبان الذي قامت به الهند، والذي يمثل انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والمعايير الراسخة للعلاقات بين الدول.
وأضاف أن باكستان أكدت أنها تحتفظ بحق الرد بشكل مناسب وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وكما هو منصوص عليه في القانون الدولي.
أشار السيناتور مشاهد حسين سيد، في كلمته، إلى وجود توافق ثقافي كبير بين المنطقة، وإلى نشوء ترابط إقليمي في ظل مشاريع مثل مشروع الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان ضمن مبادرة الحزام والطريق. وتُعدّ هذه المنطقة مركز ثقل الترابط الإقليمي.
وأضاف أن هناك منظمات ناشئة تُعزز هذا النوع من التواصل، ومن الأمثلة على ذلك منظمة التعاون الاقتصادي.
كما يجري إطلاق العديد من المشاريع مثل مشروعي TAPI وIPI، بالإضافة إلى مشاريع سكك حديدية أخرى.
من ناحية أخرى، لا تزال التحديات الأمنية غير التقليدية تُشكل صعوبات، بما في ذلك تغير المناخ، والنمو السكاني، والتطرف الديني، الذي ترعاه الدولة في بعض الحالات، يشكل تحديًا خطيرًا.
أثناء حديثه عن العدوان الهندي الذي وقع منتصف الليل، قال إنه لم يكن مُبررًا، وأن الهند حاولت ربط باكستان بحادثة بَهَلْغام دون أي دليل، كما ذكرت وسائل الإعلام الدولية.
كان إلقاء اللوم على باكستان هو نهجهم المعتاد؛ ومع ذلك، فقد تم تجاوز بعض الخطوط الحمراء، وردّت باكستان على ذلك بما يتناسب مع الموقف.
وتعرض المدنيون الباكستانيون للهجوم، مما أسفر عن استشهاد الكثيرين وإصابة آخرين. كما حذّر من أيديولوجية/عقلية آر إس إس، التي تُمثل شكلاً آخر من أشكال التهديد الأمني غير التقليدي في المنطقة.
أكد السيد أرنو كيرشوف أن هذا المؤتمر يُسهم بشكل حيوي في استكشاف سبل معالجة الدول للمخاطر الأمنية والعمل على تحقيق السلام من خلال حوارات تركز على قضايا الأمن الإقليمي الرئيسية، مثل الاستقرار، وتغير المناخ، والترابط الإقليمي، والتحديات الإنسانية، ومكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن العالم يمر بمرحلة تأمل، حيث لا تزال دول مثل ألمانيا تسعى إلى إيجاد حلول لهذه التحديات المعقدة.
ألقى السيد همايون خان كلمته، مسلطًا الضوء على ترابط العلاقات الباكستانية الأفغانية، وديناميكيات الأمن الإقليمي، والتحديات المتزايدة التي تفرضها التهديدات الأمنية غير التقليدية، مثل تغير المناخ والأزمات الإنسانية.
وأشار إلى أن التحولات الجارية في أفغانستان لا تزال تُشكل المشهد الإقليمي الأوسع، في حين أن النزوح الناجم عن تغير المناخ، وانعدام الأمن الغذائي، وتحديات الحوكمة، تتطلب حلولاً تعاونية عابرة للحدود.
وفي بداية الجلسة، تم الوقوف دقيقة صمت تكريما لأرواح الشهداء الذين سقطوا نتيجة العدوان الهندي.
يتضمن جدول أعمال المؤتمر ثلاث جلسات عمل منفصلة تتناول: العلاقات الباكستانية الأفغانية: التحديات والفرص؛
والأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب: التهديدات المتطورة واستراتيجيات الاستجابة؛
ومواجهة التهديدات الأمنية غير التقليدية: تغير المناخ والتحديات الإنسانية.
ويشارك في المؤتمر نخبة من العلماء والأكاديميين والممارسين من باكستان ودول أخرى.