كشميرمقالات

كشمير وقضية التمييز العنصري

أزكا تنوير

كشمير، الوادي المعروف بـ«جنة الأرض»، تحولت إلى جحيم لا يطاق لشعبها، وكانت محور صراع طويل الأمد منذ عام ١٩٤٧، عندما قسِّمت الهند البريطانية إلى الهند وباكستان.

بصفتها ولايةً أميرية، كان لدى جامو وكشمير خيار الانضمام إلى أيٍّ من الدولتين، ولكن للأسف، لم يمنح الكشميريون قط خيار اتخاذ هذا القرار.

ظلت قضية التمييز العنصري والديني ضد الكشميريين، وهم في الغالب مسلمون، مصدر قلق بالغ، لا سيما في ظل مساعي الهند لفرض سيادة الهندوس في المنطقة.

لأكثر من سبعة عقود، عانى الكشميريون من انتهاكات حقوق الإنسان والقمع والتهميش الممنهج، وتفاقمت معاناتهم في ظل سياسات الهند التي تقودها الهندوتفا.

تعزيز سيادة الهندوسية من قبل الهند

يؤيد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم (BJP) وحزبه الأيديولوجي، راشتريا سوايامسيفاك سانغ (RSS)، الهندوتفا،

وهي أيديولوجية عنصرية تسعى إلى ترسيخ الهيمنة الهندوسية في الهند.

وقد أثرت هذه الأيديولوجية بشكل كبير على سياسات الهند تجاه كشمير، حيث تكثفت الجهود لتغيير المشهد الديموغرافي والسياسي في المنطقة.

وقد ازدادت حدة المحاولات المنهجية لمحو الهوية الكشميرية، وقمع المعارضة، وفرض السرديات القومية الهندوسية في السنوات الأخيرة.

يعدّ مشروع الهندسة الديموغرافية، الذي يهدف إلى إضعاف وضع الأغلبية المسلمة في المنطقة، أحد الجوانب الرئيسية لسياسة الهند في كشمير.

وقد سمح تطبيق قوانين الإقامة، عقب إلغاء المادتين 370 و35أ، لغير الكشميريين، وخاصة الهندوس من ولايات هندية أخرى، بالاستقرار في المنطقة، مما هدد تركيبتها العرقية والدينية بشكل مباشر.

وينظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها امتداد لأجندة الهند الأوسع نطاقًا لتغيير الهوية الديموغرافية لكشمير لقمع مطالبتها التاريخية بتقرير المصير.

عقود من معاناة الكشميريين

لأكثر من سبعة عقود، عانى الكشميريون من عنف واسع النطاق، واحتلال عسكري، واختفاء قسري، واعتقالات تعسفية، وتمييز ممنهج.

يعد الوجود العسكري الهندي في كشمير من بين الأضخم في العالم، حيث يتمركز 900 ألف جندي في المنطقة.

وقد أدى هذا التسليح إلى انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القضاء، وعنف جنسي، واعتقالات جماعية.

علاوة على ذلك، عاش الكشميريون في ظل قوانين صارمة، مثل قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة، الذي يمنح الجيش صلاحيات واسعة، بما في ذلك الحصانة من الملاحقة القضائية على أفعاله في المنطقة.

وقد وثّقت تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية وجود مقابر جماعية، وحالات تعذيب، واستخدام بنادق الخرطوش ضد المتظاهرين، مما أدى إلى فقدان آلاف الشباب الكشميريين بصرهم.

القيود المفروضة على الممارسات الدينية

واجه مسلمو كشمير قيودًا على تجمعاتهم الدينية، حيث منعت قوات الأمن صلاة الجماعة خلال المناسبات الإسلامية المهمة كالعيد ومحرم.

وفي خطوة مثيرة للجدل، حظرت السلطات صلاة العيد في المساجد الكبرى، بما في ذلك مسجد الجامع التاريخي في سريناغار.

وامتدت الحملة لتشمل الأدب الإسلامي أيضًا؛ ففي عام ٢٠٢٥، داهمت السلطات الهندية مكتبات وصادرت أكثر من ٦٥٠ كتابًا،

بما في ذلك أعمال لعلماء إسلاميين بارزين، بتهمة الترويج لأيديولوجيات محظورة.

إلى جانب القمع الديني، تهدد الهوية الثقافية للكشميريين.

وينظر إلى تفضيل اللغتين الهندية والسنسكريتية على الكشميرية والأردية على أنه اعتداء على التراث اللغوي المحلي.

وبالمثل، اشتدت الرقابة على الموسيقى والشعر والفن الكشميريين،

حيث يواجه العديد من الفنانين قيودًا وتهديدات لإنتاجهم أعمالًا تنتقد سياسات الحكومة.

وتستمر هذه السياسات، التي ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محو ثقافي، في تأجيج المقاومة الكشميرية والدعوات إلى تقرير المصير.

إلغاء المادتين 370 و35أ: تكثيف القمع

في 5 أغسطس 2019، ألغت الهند من جانب واحد المادة 370 والمادة 35A من دستورها،

اللتين كانتا تمنحان جامو وكشمير حكمًا ذاتيًا خاصًا وتحميان سلامتها الديموغرافية.

وقد أدينت هذه الخطوة على نطاق واسع باعتبارها ضمًا غير قانوني يهدف إلى مزيد من قمع الكشميريين.

وعقب هذا الإلغاء، فرضت الحكومة الهندية إغلاقًا صارمًا، وقطعت الاتصالات، واحتجزت القادة السياسيين،

واستخدمت القوة المفرطة لقمع أي مقاومة.

وبعد إلغاء المادتين 370 و35A في عام 2019، بادرت الهند إلى اتخاذ تدابير غيّرت بشكل منهجي النسيج الديموغرافي والثقافي للمنطقة ذات الأغلبية المسلمة.

ويجادل النقاد بأن هذه الإجراءات جزء من أجندة أوسع نطاقًا لإضعاف هوية مسلمي كشمير وفرض سيطرة القومية الهندوسية.

من أكثر جوانب هذا التحول السياسي إثارةً للقلق إعادة تنظيم جامو وكشمير إلى إقليمين اتحاديين،

مما أضعف بشكل كبير الحكم المحلي والتمثيل السياسي للمسلمين الكشميريين.

إضافةً إلى ذلك، سيطرت الحكومة على المؤسسات الدينية، بما فيها الأوقاف، التي تُدير الأضرحة والمساجد الإسلامية.

وقد زادت هذه التغييرات من المخاوف من أن الدولة تعمل بنشاط على تقليص النفوذ الديني الإسلامي في المنطقة.

وقد فتح إلغاء هذه الأحكام الدستورية الباب على مصراعيه أمام التغيير الديموغرافي والاستغلال الاقتصادي.

الرقابة على وسائل الإعلام وقمع المعارضة

من أكثر الجوانب المثيرة للقلق في سيطرة الهند على كشمير قمع حرية الصحافة والمعارضة.

يواجه الصحفيون في كشمير المضايقات والاعتقالات والرقابة،

مما يجعل تغطية الأحداث الميدانية شبه مستحيلة.

وجهت اتهامات للعديد من الصحفيين الكشميريين البارزين ونشطاء حقوق الإنسان بموجب قوانين صارمة، مثل قانون منع الأنشطة غير المشروعة،

الذي يسمح بالاحتجاز لأجل غير مسمى دون محاكمة.

ويعدّ إسكات الأصوات المستقلة في كشمير جزءًا من مساعي الهند الأوسع للسيطرة على الخطاب السائد

ومنع المجتمع الدولي من مشاهدة الفظائع التي تُرتكب.

خاتمة

على الرغم من التقارير العديدة الصادرة عن منظمات مثل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش،

ظل المجتمع الدولي غير فاعل إلى حد كبير فيما يتعلق بمحنة الكشميريين.

وقد قوبل إلغاء المادة 370 بانتقادات دولية، لكن الإجراءات الملموسة ضد انتهاكات الهند لحقوق الإنسان كانت غائبة إلى حد كبير.

وقد شجع فشل القوى العالمية في محاسبة الهند الحكومة الهندية على مواصلة سياساتها القمعية في كشمير دون خوف من العواقب.

إن صراع كشمير ليس مجرد نزاع إقليمي، بل هو صراع ضد التمييز العنصري والديني الذي يفرضه نظام يقوده الهندوتفا ويسعى إلى محو الهوية الإسلامية لكشمير.

وبدون تدخل دولي واعتراف بحقهم في تقرير المصير، سيظل الكشميريون يعانون في ظل نظام قمعي يسعى إلى محو هويتهم وقمع مقاومتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى