
مشعال زهرة بخاري
في جامو وكشمير، لا تبث أصوات إطلاق النار والغارات في منتصف الليل والاختفاء القسري الخوف فحسب، بل إنها تعيد برمجة النفس البشرية، وتترك وراءها ندوبًا تدوم إلى ما بعد الصراع نفسه.
إن العيش تحت القمع يتطلب ثمنًا عاطفيًا وعقليًا وجسديًا عميقًا.
تخلف صدمة الاختفاء والعنف والبقاء اليومي ندوبًا دائمة على الصحة العقلية. ينتشر القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة على نطاق واسع، ومع ذلك لا يزال الدعم نادرًا.
على الرغم من معاناتهم، يواصل الكشميريون الصمود بمرونة هادئة، ويحملون آلامهم في صمت.
يستيقظون كل صباح في ضباب، مع عقدة في معدتهم، خائفين من أن يكون اليوم هو اليوم الذي قد يحدث لك فيه شيء فظيع، موت طفل أو زوج، أو صوت إطلاق النار خارج نافذتك.
هذه هي الحقيقة المؤلمة لكثير من الناس في جامو وكشمير.
الخوف حاضر دائمًا، والجروح العاطفية الناجمة عن عقود من الوحشية عميقة. لا يمكنك تجاهل تلك الصدمة ببساطة، فهي تلاحقك وتغير حياتك بطرق لم تكن لتتخيلها أبدًا.
وفقًا لمسح الصحة العالمي،
فإن معدل انتشار الضائقة النفسية في جامو وكشمير بلغ 45%، 26% منهم يعانون من القلق و19% يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
ويرجع هذا إلى الإجراءات العسكرية التي يتم اتخاذها على أساس يومي والتي تخلق الخوف الذي لا ينتهي في أذهان الكشميريين.
إنه مثل ممارسة اليأس والخوف والصدمة. هذه الممارسة تتم على أساس يومي مما يجعل عقولهم دقيقة بشأن الخوف.
وهذا يمنعهم من القيام بأي شيء من أجل حقوقهم على حساب أرواح أحبائهم. يكبر الأطفال هناك وهم يرون كل المناطق الدموية مما يؤدي إلى خلق جيل من الخوف وانخفاض الثقة بالنفس.
هذه نقطة مهمة يجب إثارتها لأنها تقرر مصير جامو وكشمير لأنها تتعلق بشباب الكشميريين.
«الكوابيس» مرض يصيب الكشميريين
في أواخر القرن الثامن عشر، تم تعريف «الكابوس» على أنه مرض حيث يعتقد الشخص أثناء نومه أن هناك كتلة كبيرة تقع عليه،
والأطفال والرجال والنساء الكشميريون يعانون من هذه الكوابيس ويحملون هذا الثقل منذ عام 1947 مما يؤثر على صحتهم العقلية بشكل عميق.
هناك نقطة أخرى مهمة يجب التأمل فيها وهي الضوضاء غير المرغوب فيها.
فإلى جانب كل هذه الوحشية، هناك الكثير من الضوضاء غير المرغوب فيها التي تنتج عن الأسلحة والتي لها مجموعة واسعة من التأثيرات النفسية.
فالدماغ يراقب الأصوات دائمًا بحثًا عن علامات الخطر، حتى أثناء النوم. ومع التعرض المستمر للتلوث الضوضائي، تزداد حساسية الشخص للتلوث الضوضائي.
فالضوضاء التي تزيد عن 45 ديسيبل قد تجعل من الصعب النوم أو البقاء نائمًا أو الاستيقاظ مبكرًا جدًا،
ويتراوح صوت البنادق الصغيرة المستخدمة في جامو وكشمير من 76 إلى 134 ديسيبل اعتمادًا على البندقية وعيار الذخيرة المستخدمة.
وهذا يعني أن ضوضاء الأسلحة المستخدمة يوميًا على خط السيطرة وداخل حدود جامو وكشمير لها تأثيرات نفسية طويلة الأمد على الكشميريين.
وهذه النقطة ليست بارزة ولكنها مهمة حقًا يجب أخذها في الاعتبار بسبب تأثيراتها الرئيسية خاصة على الأطفال.
شباب كشمير محاصرون داخل حدود الولاية
إن الشباب الكشميريين محاصرون داخل حدود ولاية جامو وكشمير المحتلة،
وهذا يؤثر على تعرضهم الاجتماعي ويؤدي إلى التفكير في مستقبل ضائع ومظلم، مما يؤدي إلى انتحار عدد كبير من الشباب.
إنهم يتعرضون فقط للوحشية والدماء والحروق في كل مكان مما يحد من نطاق تفكيرهم بطريقة ضيقة.
إن الحدود الصغيرة، وعدم التعرض الاجتماعي والمستقبل المظلم أكثر من كافية لوقوع الشخص في فخ الصدمة التي تنتقل معه طوال حياته.
القلق البيئي
في إقليم جامو وكشمير المضطرب، هناك قضايا تغير مناخية حادة مستمرة منذ سنوات عديدة،
وقد زادت الآن إلى مستوى مرتفع بسبب العدد الكبير من الأنشطة العسكرية، -إطلاق النار والقنابل اليدوية والقصف-
وتدهور الأراضي وتعطيل إدارة الأراضي التقليدية، وهذا التغير المناخي له تأثير نفسي كبير على الكشميريين.
كشفت الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى العدوان.
وهذا أيضًا في مستوى أعلى من التوتر والاكتئاب والقلق بين الناس. غالبًا ما يشار إلى هذا الشعور بالخوف باسم «القلق البيئي».
فكروا في كبار السن في جامو وكشمير الذين يعانون ويشاهدون أطفالهم يموتون أمام أعينهم.
بناتهم يتعرضن للإساءة أمام أعينهم، وأطفالهم يُختطفون، ودماء أبنائهم وكل هذا. كل هذا يحدث أمام شخص في هذا العمر ليس سوى عذاب نفسي عظيم.
تحديات تواجه نساء جامو وكشمير
تواجه نساء جامو وكشمير مجموعة متنوعة من التحديات التي تؤثر على صحتهن العقلية.
فهن لا يواجهن نفس التعذيب والتحديات النفسية التي يواجهها الرجال والأطفال فحسب،
بل يواجهن أيضًا العنف الجسدي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقد اتُهمت النساء اللاتي تعرضن للإساءة الجسدية أو الاغتصاب بتوفير الطعام أو المأوى للمسلحين أو أُمرن بالتعرف على أقاربهن الذكور.
وبعد ذلك، قد تواجه هؤلاء النساء الحزن والغضب.
وقد يحاولن إنكار ورفض ما حدث ودفع تلك الأفكار الرهيبة بعيدًا. وسوف يشعرن بانفجار عاطفي مفاجئ ومتكرر أثناء أداء مختلف الأعمال المنزلية، وسيستمر هذا لفترة طويلة من حياتهن.
فكر في هؤلاء الأطفال الذين نشأوا بدون أب أو أم ماتوا بسبب العمليات العسكرية.
ستكون نفسية هذا الطفل مختلفة حقًا وهناك عدد أكبر من هؤلاء الأطفال في جامو وكشمير.
سيواجهون مشكلات الثقة، وانخفاض احترام الذات، والقتال اليومي بينهم وبين الأفعال من حولهم، والتخلي،
وانخفاض احترام الذات والأهم من ذلك أنهم سيواجهون صعوبة في إدارة المشاعر.
♦♦♦
الكاتبة.. باحثة متدربة في معهد كشمير للعلاقات الدولية وتعمل كمنسق مركزي لـ«شفاء باكستان»، وهي مبادرة مخصصة لتعزيز الإنسانية وتمكين التعليم والتوعية والقيادة.