يوم التضامن مع كشمير: منارة لحق تقرير المصير
إيتشال طاهر
تحتفل باكستان كل عام في الخامس من فبراير بيوم التضامن مع كشمير كتذكير عميق بالتزامها الثابت تجاه شعب جامو وكشمير المحتلة في سعيه إلى تقرير المصير.
تتجاوز هذه المناسبة الحدود الوطنية، وتتوافق مع المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي،
وخاصة ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المختلفة،
والتي تؤكد على الحق غير القابل للتصرف للشعوب في تقرير مصيرها السياسي.
هذا اليوم ليس مجرد يوم رمزي؛ بل يجسد العزم الاستراتيجي والأخلاقي لباكستان على دعم النضال الكشميري ضد الاحتلال الهندي والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في جامو وكشمير المحتلة.
إلغاء المادتين 370 و35أ
إن مبدأ تقرير المصير، المنصوص عليه في المادتين 1 و55 من ميثاق الأمم المتحدة، يشكل جوهر حل نزاع كشمير.
ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 38 (1948) وقرار مجلس الأمن رقم 122 (1957) صراحة إلى إجراء استفتاء تحت رعاية الأمم المتحدة للسماح لشعب جامو وكشمير بتحديد مستقبله.
ومع ذلك، مرت عقود من الزمن دون تنفيذ هذه القرارات، مما ترك الشعب الكشميري في حالة من الركود المطول.
وتقول باكستان أن تصرفات الهند، بما في ذلك إلغاء المادتين 370 و35أ من دستورها في أغسطس 2019، تشكل انتهاكًا للالتزامات الدولية، مما يغير بشكل أساسي وضع الإقليم ويؤدي إلى تفاقم الصراع.
وترى باكستان أن إلغاء هذه الأحكام الدستورية، التي منحت جامو وكشمير حكماً ذاتياً محدوداً، يشكل انتهاكاً ليس فقط لقرارات مجلس الأمن،
بل وأيضاً لاتفاقية شيملا (1972)، التي تؤكد على الثنائية كإطار لحل النزاعات.
ومن خلال تغيير وضع جامو وكشمير من جانب واحد، قوضت الهند مبادئ الثنائية والتعددية التي تدعم جهود حل النزاعات الدولية.
ويظل الوضع في جامو وكشمير المحتلة عليه مثالاً صارخاً على القمع الذي ترعاه الدولة.
وتوضح التقارير الصادرة عن منظمات مثل منظمة العفو الدولية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان،
بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القضاء واستخدام العنف الجنسي كسلاح حرب من جانب الهند.
وقد منح قانون الصلاحيات الخاصة للقوات المسلحة قوات الاحتلال الهندية الحصانة، مما عزز ثقافة القمع المنهجي.
باكستان تدعو إلى إجراء تحقيقات مستقلة في هذه الانتهاكات
ولقد دعت باكستان باستمرار إلى إجراء تحقيقات مستقلة في هذه الانتهاكات،
ودعت إلى نشر مقرر خاص للأمم المتحدة لتقييم وضع حقوق الإنسان في كشمير.
وتزعم باكستان أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تدعم القانون الإنساني الدولي،
بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة،
التي تحظر نقل السكان إلى الأراضي المحتلة، وهو الأمر الذي تفاقم بسبب الهندسة الديموغرافية التي تنفذها الهند في كشمير.
تغيير التركيبة السكانية في كشمير المحتلة
منذ أغسطس 2019، أطلقت باكستان ناقوس الخطر بشأن محاولات الهند تغيير التركيبة السكانية في إقليم جامو وكشمير المحتل.
ويُنظر إلى إصدار شهادات الإقامة للمواطنين غير الكشميريين، وخاصة الهندوس، على أنه محاولة لتخفيف الطابع الإسلامي للمنطقة.
وتؤكد باكستان أن هذه التدابير تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة وتشكل استراتيجية احتلال غير قانونية تهدف إلى استباق نتائج أي استفتاء مستقبلي.
إن إعادة هندسة التركيبة السكانية هذه لا تقوض مبدأ تقرير المصير فحسب، بل إنها تزعزع أيضاً استقرار النسيج الاجتماعي والسياسي الحساس في المنطقة.
ومن خلال تدويل هذه القضية، تسعى باكستان إلى حشد الإدانة العالمية لما تعتبره تكتيكات استعمارية جديدة من جانب الهند لتعزيز السيطرة السياسية على جامو وكشمير.
باكستان تدافع بلا كلل عن قضية كشمير
ولقد دافعت باكستان بلا كلل عن قضية كشمير عبر العديد من المنتديات المتعددة الأطراف،
بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ومنظمة التعاون الإسلامي.
وتؤكد هذه الجهود التزام باكستان بالتعددية وإيمانها بالنظام الدولي القائم على القواعد.
ولعبت مجموعة الاتصال التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن جامو وكشمير دوراً فعالاً في تكثيف محنة الشعب الكشميري،
وإصدار بيانات قوية تدين تصرفات الهند وتدعو إلى استعادة الوضع الخاص لكشمير.
كما انخرطت باكستان بشكل استراتيجي مع حلفائها المقربين، مثل الصين، التي تشاطرها مخاوفها بشأن الاستقرار الإقليمي
وعواقب النزاعات الإقليمية غير المحلولة. ومن خلال مثل هذه الشراكات،
تؤكد باكستان على إمكانية حدوث آثار إقليمية غير مباشرة، وخاصة في جنوب آسيا النووية، إذا ظل الصراع في كشمير دون حل.
كشمير نقطة اشتعال في جنوب آسيا
إن النزاع حول كشمير الذي لم يُحَل بعد يظل نقطة اشتعال في جنوب آسيا، ويؤدي إلى استمرار المعضلة الأمنية بين جارتين مسلحتين نووياً.
ولقد سلطت باكستان الضوء باستمرار على إمكانية تصعيد الصراع إلى مواجهة أوسع نطاقاً،
بحجة أن عسكرة الهند لإقليم جامو وكشمير ورفضها الانخراط في حوار هادف من شأنه أن يزيد من خطر عدم الاستقرار الإقليمي.
ومن خلال ربط النزاع حول كشمير بالمخاوف الأمنية العالمية، تهدف باكستان إلى جذب انتباه القوى الكبرى والدفع نحو الوساطة الدولية.
كما أكدت باكستان على دور الشتات الكشميري في الدفاع عن حق وطنهم في تقرير المصير.
وتعمل مجتمعات الشتات في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية والشرق الأوسط
كقنوات حاسمة لرفع مستوى الوعي بشأن أزمة حقوق الإنسان في إقليم جامو وكشمير.
وتدعم باكستان هذه الجهود من خلال تسهيل المؤتمرات الدولية والحملات الإعلامية ومبادرات الضغط.
دعوات شعبية ودبلوماسية لنصرة كشمير
وعملت منظمات حقوق الإنسان داخل باكستان على تضخيم أصوات القادة والناشطين الكشميريين الذين أسكتتهم القوانين الهندية القاسية.
ويدمج النهج الشامل الذي تتبناه باكستان في التعامل مع النزاع في كشمير بين الدعوة الشعبية والدبلوماسية التي تقودها الدولة،
مما يخلق إطاراً قوياً للضغط الدولي المستدام.
إن يوم التضامن مع كشمير ليس مجرد تعبير عن التعاطف؛
بل هو مظهر من مظاهر التزام باكستان الأخلاقي والسياسي والدبلوماسي بالقضية الكشميرية.
ومن خلال الاحتفال بهذا اليوم، تؤكد باكستان دعمها لحل عادل وسلمي للصراع في كشمير،
على أساس القانون الدولي ومبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.
ويبعث هذا اليوم برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن النضال من أجل كشمير ليس مجرد قضية ثنائية بل هو مسألة تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية والعدالة الدولية.
الأولوية لحل النزاع في كشمير
وبينما يبحر العالم في عصر من الترابط المتزايد والتحديات المشتركة، تدعو باكستان المجتمع الدولي إلى إعطاء الأولوية لحل النزاع في كشمير.
ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يفي بالتزاماته وأن يساهم في إحلال السلام والاستقرار الدائمين في جنوب آسيا إلا من خلال دعم حق الشعب الكشميري في تقرير المصير.
وفي هذا اليوم المهيب، تقف باكستان متحدة مع إخوانها الكشميريين، عازمة على سعيها لتحقيق العدالة وتقرير المصير لشعب جامو وكشمير.
•••
الكاتب طالب في العلاقات الدولية في الجامعة الوطنية للغات الحديثة ويعمل حاليًا كمتدرب في معهد كشمير للعلاقات الدولية