ألطاف حسين واني
عقد معهد إسلام آباد لأبحاث السياسات (IPRI) خطابه الفكري الرائد، حوار مارجالا 2024، في الفترة من 13 إلى 15 نوفمبر،
والذي جمع خبراء من بلدان مختلفة لمناقشة موضوع «الحقائق العالمية الناشئة: التحديات والاستجابة».
لقد كانت حقًا تجربة تعليمية رائعة أن أكون جزءًا من الحدث البارز، وأن أستمع إلى مناقشات حية حول القضايا العالمية الملحة والحلول الممكنة.
ألقى الجنرال سيد عاصم منير، رئيس أركان الجيش الباكستاني، كلمة في الجلسة الختامية بصفته المتحدث الرئيسي في هذا الحدث المرموق.
وقد ألقى قائد الجيش، الذي تحدث ببراعة مطلقة حول قضايا تتراوح من إرهاب الدولة إلى مكافحة الإرهاب والتطرف،
ومعالجة انتشار المعلومات المضللة والمغلوطة، الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه باكستان في تعزيز السلام العالمي وسط تحديات متزايدة التعقيد.
التحديات العالمية
ومن بين القضايا الأكثر إلحاحًا، حدد الانتشار السريع للمعلومات المضللة، والتي أصبحت مصدر قلق بالغ الأهمية في عصر تنتشر فيه المعلومات بسرعات غير مسبوقة.
هذه الظاهرة، التي لديها إمكانات هائلة ليس فقط لتشويه الإدراك العام، ولكن أيضًا لإضعاف العمليات الديمقراطية والوحدة الاجتماعية.
وفي كلمته، أشار الجنرال بقلق إلى النفوذ المتزايد للجهات الفاعلة غير الحكومية في الشؤون العالمية، وهو ما يواصل تعقيد المشهد الأمني الدولي.
ولا شك أن صعود الجهات الفاعلة غير الحكومية العنيفة والإرهاب
الذي ترعاه الدولة يشكل تهديداً كبيراً للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم،
وهو ما يتطلب جهوداً عالمية متزامنة لمواجهته بفعالية.
وأكد منير أن التكنولوجيا، على الرغم من دورها الفعال في تبادل المعلومات، إلا أنها سهلت أيضًا انتشار الروايات المضللة وخطاب الكراهية.
وتؤكد هذه الثنائية على الحاجة إلى أطر قانونية قوية لإدارة تدفق المعلومات وحماية القيم المجتمعية.
أهمية اللوائح
وأكد قائد الجيش أنه بدون لوائح شاملة، فإن حرية التعبير غير المقيدة يمكن أن تؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية عبر المجتمعات.
وأشار إلى الارتفاع المقلق لعدم المساواة وعدم التسامح والانقسام على أسس دينية وطائفية وعرقية باعتباره اتجاهًا عالميًا يجب معالجته بشكل جماعي.
وفي هذا السياق، أكد رئيس أركان الجيش الباكستاني على التزام باكستان بمعالجة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ والإرهاب والصحة العالمية.
وأكد أن باكستان ليست مجرد مشارك فحسب، بل إنها لاعب مهم في الحفاظ على السلام والاستقرار، على المستويين الإقليمي والعالمي.
التزام باكستان بمكافحة الإرهاب
وكان من بين الجوانب البارزة في خطاب الجنرال منير التزامه الثابت بمكافحة الإرهاب.
وسلط الضوء على إنشاء نظام شامل لإدارة الحدود يهدف إلى تأمين الحدود الغربية لباكستان، وهو أمر بالغ الأهمية في مكافحة الإرهاب.
ويؤكد ذكر الخوارج باعتبارهم ملاذاً للمنظمات الإرهابية على الطبيعة العالمية للتهديد وضرورة التعاون الدولي في جهود مكافحة الإرهاب.
وأعرب الجنرال عن تفاؤله بأن الحكومة الأفغانية المؤقتة لن تسمح باستخدام أراضيها من قبل أي فرد أو جماعة للقيام بأنشطة إرهابية،
مؤكدا على أهمية الاستقرار الإقليمي في مكافحة التطرف.
رؤية السلام
وتضمنت رؤية الجنرال للسلام في المنطقة وخارجها فهمًا فريدًا ومدروسًا للقضايا المتعلقة بالأمن التي تؤرق العالم اليوم.
وفي حين عبر عن رؤيته للسلام والاستقرار التي تتماشى مع خطة العمل الوطنية للبلاد
-وهي وثيقة من 20 نقطة وافق عليها البرلمان في ديسمبر 2014 لمكافحة الإرهاب والتطرف-
تحدث الجنرال منير مطولاً عن منع التطرف العنيف.
وأشار إلى الآثار السلبية للأيديولوجية المتطرفة في الهند وتأثيرها الرهيب على الأقليات، وخاصة في الدول الغربية.
وأدان سياسات الحكومة الهندية الصارمة تجاه شعب كشمير المحتلة من قبل الهند وأكد موقف باكستان الثابت في دعم النضال المشروع للكشميريين من أجل تقرير المصير.
وأكد رئيس أركان الجيش على موقف بلاده الراسخ منذ فترة طويلة بشأن قضية كشمير،
ودعا إلى تسوية عادلة وودية لقضية كشمير الطويلة الأمد بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتطلعات الشعب الكشميري.
إن دعوته لوقف إطلاق النار في مناطق الصراع مثل غزة ولبنان، إلى جانب الدعوة التاريخية الباكستانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، تعكس التزاماً بالمبادئ الإنسانية والسعي إلى تحقيق العدالة على الساحة العالمية.
مساهمات باكستان في السلام العالمي
كما سلط قائد الجيش الضوء على مساهمات باكستان الكبيرة في جهود حفظ السلام العالمية،
مشيرًا إلى أن 235 ألف باكستاني شاركوا في بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة، حيث ضحى 181 منهم بحياتهم في السعي لتحقيق السلام العالمي.
ولا تُظهر هذه الإحصائية التزام باكستان بالسلام الدولي فحسب، بل إنها تعزز أيضًا دورها كعضو مسؤول في المجتمع العالمي.
وعلى مر السنين، برزت باكستان كواحدة من أكبر مقدمي القوات وأكثرهم تفانيًا للأمم المتحدة.
فقد خدم أكثر من 235 ألف جندي حفظ سلام باكستاني في 48 مهمة تابعة للأمم المتحدة.
ويجسد وجودهم في مناطق الصراع التزام البلاد بالسلام العالمي.
الإمكانات الاقتصادية والموقع الاستراتيجي
كما تطرق الجنرال سيد عاصم منير إلى الميزة الديموغرافية لباكستان،
حيث أن حوالي 63٪ من سكانها البالغ عددهم 240 مليون نسمة تحت سن 30 عامًا، ومواردها الطبيعية الغنية،
بما في ذلك الإنتاج الزراعي الكبير والرواسب المعدنية النادرة.
وأكد على الموقع الجغرافي الاستراتيجي لباكستان، والذي يعمل كحلقة وصل حيوية للتجارة بين أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط.
إن هذه الإمكانات الاقتصادية، إلى جانب قطاع العمل الحر المزدهر، تضع باكستان كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، قادر على المساهمة في الاستقرار الإقليمي والدولي.
خاتمة
إن خطاب الجنرال سيد عاصم منير في حوار مارجالا 2024 يحدد نهجًا استباقيًا ومتعدد الأوجه لدور باكستان في تعزيز السلام والاستقرار العالميين.
ومن خلال معالجة المعلومات المضللة، ومكافحة الإرهاب، والدعوة إلى حقوق الإنسان، والاستفادة من نقاط قوتها الاقتصادية،
باكستان على استعداد لمواصلة مساهماتها الحيوية في الانسجام الدولي.
إن رؤية قائد الجيش ليست مجرد دعوة إلى العمل ولكنها مخطط لمستقبل تعاوني حيث السلام والاستقرار في غاية الأهمية.
– الكاتب هو رئيس مؤسسة الأبحاث ومقرها إسلام أباد – معهد كشمير للعلاقات الدولية (KIIR).