سيد علي جيلاني.. الرجل الذي تنبأ بأيام كشمير الأكثر ظلمة
بقلم: الشيخ عبد المؤمن
في يناير 1492، انتهت السيادة السياسية الإسلامية في الأندلس، شبه الجزيرة الأيبيرية التي غزاها طارق بن زياد مع 1700 رجل فقط من رجاله.
لقد ضعفت الإمبراطورية الإسلامية العظيمة في المنطقة في البداية بسبب الحكام الضعفاء ثم ظهور الملوك الصغار الذين أدى في النهاية إلى سقوط هذه المساحة الإسلامية العظيمة.
في نظر العديد من العلماء المسلمين، لا تتمتع جامو وكشمير بالنوع الغني من الإرث الإسلامي الذي كانت تتمتع به الأندلس.
قبل أكثر من عقد من الزمان، حذر زعيم المقاومة العظيم في المنطقة، قائد المقاومة سيد علي جيلاني، الكشميريين من أن كل شيء سوف يُنتزع منكم ـ هويتكم الإسلامية، وأراضيكم، وممتلكاتكم، وكل ما هو عزيز على قلوبكم!
«هوشيار رحين» كانت تلك هي العبارة التي بدأ بها رمز المقاومة الراحل خطابه!
ولعل أغلب الناس من حوله لم يفهموا ما كان سيد علي شاه جيلاني يتنبأ به في ذلك الوقت.
زواجه فتاة صغيرة من رجل هندوسي
وبعد سنوات من استيقاظ الكشميريين على خبر تخلي فتاة صغيرة عن إيمانها وزواجها من رجل هندوسي هندي،
انتشر مقطع فيديو قصير لهذا الخطاب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث كتب الناس عن كيفية تحقق كل كلمة نطق بها قائد الانقلاب.
لم يشعروا فقط بأن هويتهم الإسلامية كانت في خطر كبير، بل إن الكشميريين الآن في رهبة تامة من مدى الرؤية الثاقبة لزعيم مقاومتهم الراحل جيلاني،
حيث شهدوا تحقق تنبؤاته بشأن الاستيلاء على الأراضي والممتلكات من قبل الدولة الهندية المحتلة.
كل ما يحدث الآن في كشمير
-من قمع عقيدة الكشميريين ذاتها، والاستيلاء على الأراضي، ومناخ الخوف، إلى جعل المقاومة محرمة-
كان الزعيم الراحل قد تنبأ بدقة خلال العديد من خطاباته العامة طوال حياته.
لم يتنازل سيد علي جيلاني عن أيديولوجيته قط، وقاتل بكل وضوح طيلة حياته. وكان لجيلاني موقف واضح في كل قضية طوال حياته.
ويواصل أصدقاؤه وأعداؤه على حد سواء تقديم أمثلة على شخصيته ونزاهته.
حتى أن رئيس الاستخبارات السابق لوكالة التجسس الهندية كتب في كتابه عن الرجل صاحب المبادئ سيد علي جيلاني.
ولم يكن السيد علي جيلاني يحظى باحترام شعب كشمير لأسباب سطحية مثل اسمه أو طبقته الاجتماعية.
بل إن مكانته كزعيم نمت من التزامه بحركة الشعب الكشميري من أجل تقرير المصير.
وكان تفانيه واضحاً من خلال التضحيات الشخصية الهائلة التي قدمها، والتي كانت في كثير من الأحيان على حساب حياته.
مميزات زعامة جيلاني
لقد تميزت زعامة جيلاني بقدرته على بث الأمل في قلوب المظلومين وتوجيههم برؤية واضحة وشجاعة حازمة.
لقد كان يضع نفسه باستمرار في الخطوط الأمامية ويتحدى سلطة الدولة الهندية بشكل مباشر،
وبالتالي أصبح رمزًا للمقاومة.
لقد أدى صموده في مواجهة الشدائد ودفاعه الدؤوب عن حقوق شعبه إلى رفعه إلى مرتبة الزعيم الأكثر احترامًا ونفوذًا في كشمير.
وكان هذا الارتباط العميق والحقيقي بقضية الشعب هو الذي أكسبه الاحترام العميق والإعجاب من قبل الكشميريين في جميع أنحاء المنطقة.
حكمة وشجاعة سيد علي جيلاني
في الوقت الذي تمر فيه كشمير بأصعب مرحلة في تاريخها، فإن غياب سيد علي جيلاني أصبح أكثر عمقاً من أي وقت مضى.
إن شعب كشمير في حاجة ماسة إلى زعيم من عياره ـ شخص قادر على إلهام الناس وتوجيههم
والوقوف في وجه قوى القمع، وقيادة الأمة نحو طريق العدالة والحرية.
إن حكمة وشجاعة سيد علي جيلاني هي أمور نفتقدها بشدة مع تصاعد الصراع،
ويعتبر إرثه بمثابة تذكير بالمرونة والصمود اللازمين في هذه الأوقات الصعبة.
في الأول من سبتمبر 2021 رحل عن الدنيا وإنا لله وإنا إليه راجعون، لخص الباحث والكاتب الكبير بشير دادا حياته في قصيدة شعرية قال فيها:
“ابن علي حسين كاي كيردار بار فيدا
درويش حر ميسال جو أب كاي بيشاد جايا
هار وور سيه ليا ماغار بيات نا كي
ثا مار دي لا زوال جو أب كي بيشاد جايا”