أخبارسلايدر

شهباز شريف يدعو لتشكيل قوة  عربية إسلامية لمواجهة إسرائيل

في خطوة سياسية لافتة تحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، دعا رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف خلال كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة، إلى إنشاء قوة مهام عربية إسلامية تتولى مواجهة التهديدات التوسعية الإسرائيلية، واتخاذ التدابير الفعّالة لمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.

خطاب شهباز شريف لم يكن مجرد إدانة جديدة للممارسات الإسرائيلية، بل جاء ليطرح رؤية عملية لإعادة صياغة الرد العربي والإسلامي عبر آلية جماعية مؤسسية، تتجاوز البيانات الرمزية إلى إجراءات رادعة قد تغيّر موازين القوى السياسية والدبلوماسية في المنطقة.

تفاصيل خطاب شهباز شريف في قمة الدوحة

أكد رئيس الوزراء الباكستاني أن المجتمع الدولي مطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب والانتهاكات الممنهجة بحق الفلسطينيين، لافتًا إلى أن حملة القصف الأخيرة حولت غزة إلى أنقاض وأسفرت عن استشهاد أكثر من 64 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال.

وشدد شهباز شريف على:

ضرورة تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة عبر تحرك من منظمة التعاون الإسلامي.

مطالبة مجلس الأمن الدولي بتفعيل الفصل السابع لفرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار.

إطلاق سراح الرهائن وتبادل الأسرى الفلسطينيين كخطوة إنسانية عاجلة.

ضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية العاملين في المجال الطبي والإغاثي والصحفيين.

دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

كما وجّه إدانة مباشرة إلى الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، معتبرًا إياه اعتداءً خطيرًا لا يمكن النظر إليه كحادث معزول، بل كجزء من سياسة إسرائيل التوسعية ومحاولاتها تقويض أي جهود سلام في الشرق الأوسط.

دلالات الدعوة لتشكيل قوة مهام عربية إسلامية

يرى مراقبون أن دعوة شهباز شريف تحمل تحولًا نوعيًا في الخطاب الإسلامي تجاه إسرائيل، إذ لم يكتفِ بمناشدة المجتمع الدولي، بل وضع مقترحًا عمليًا يمكن أن يتحول إلى أداة ضغط حقيقية.

1. الأبعاد السياسية

تعكس الدعوة رغبة باكستان في إحياء دورها الريادي داخل العالم الإسلامي، باعتبارها قوة نووية كبرى تمتلك وزنًا عسكريًا ودبلوماسيًا.

تفتح المجال أمام توحيد المواقف العربية والإسلامية في إطار مؤسسي، بعد سنوات من الانقسام.

تمثل رسالة إلى القوى الغربية بأن الفراغ الدولي في حماية الفلسطينيين قد يملأه تحالف إسلامي.

2. الأبعاد العسكرية

من الناحية النظرية، يمكن لمثل هذه القوة أن تعمل على ردع التهديدات الإسرائيلية عبر أدوات متعددة: الردع العسكري، العقوبات الاقتصادية، والدعم الدبلوماسي المنسق.

إلا أن الخبراء يرون أن التحدي يكمن في تنسيق الجيوش العربية والإسلامية التي تختلف عقيدتها القتالية وأولوياتها الاستراتيجية.

3. الأبعاد الدبلوماسية

اقتراح شهباز شريف يمكن أن يشكل ورقة ضغط على الأمم المتحدة، إذ يُظهر أن العالم الإسلامي مستعد للتحرك منفردًا إذا استمرت المؤسسات الدولية في العجز عن وقف الانتهاكات.

آراء خبراء ومحللين

الخبير في الشؤون الإستراتيجية الدكتور محمود العزب: “دعوة شهباز شريف لتشكيل قوة مهام إسلامية ليست مجرد فكرة عاطفية، بل هي رسالة استراتيجية موجهة إلى إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء. هو يريد أن يقول: إذا لم يتحرك المجتمع الدولي، فإن العالم الإسلامي سيتحرك بنفسه”

الباحثة في العلاقات الدولية الدكتورة سلمى الكيلاني: “الرهان الأساسي على مثل هذا المشروع يكمن في مدى استعداد الدول العربية الكبرى، خصوصًا السعودية ومصر وتركيا، للانخراط فيه. إن تحقق ذلك، سنكون أمام تغير جذري في موازين الردع بالشرق الأوسط”.

المحلل السياسي الباكستاني أنور حسين:

> “من الواضح أن باكستان تحاول استعادة دورها في الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية. خطاب شهباز شريف في الدوحة يعكس رغبة إسلام آباد في أن تكون صوتًا قويًا لفلسطين بعد عقود من التراجع”.

الموقف من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة

أثار الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطر استياءً واسعًا، واعتبره شهباز شريف “عملًا متهورًا واستفزازيًا”.

التحليل السياسي

يرى خبراء أن الاعتداء على قطر كان رسالة سياسية موجهة إلى الدول التي تحاول لعب دور الوسيط في الصراع.

كما أنه يكشف أن إسرائيل تسعى إلى توسيع نطاق المواجهة وإشغال المنطقة بأزمات متعددة.

رد شهباز شريف بالتضامن مع قطر أعطى بعدًا جديدًا للعلاقات الباكستانية-القطرية، التي قد تتطور إلى شراكة إستراتيجية في دعم القضية الفلسطينية.

القضية الفلسطينية بين التدويل والتحالفات الإقليمية

يشير المراقبون إلى أن الخطاب الباكستاني يعكس توجهًا متناميًا في العالم الإسلامي للانتقال من الاعتماد على المجتمع الدولي إلى بناء تحالفات إقليمية مستقلة.

التدويل: حتى الآن، ظلت القضية الفلسطينية رهينة قرارات أممية غير ملزمة.

التحالفات: مقترح القوة الإسلامية قد يخلق آلية ردع جديدة مستقلة عن الفيتو الأمريكي والإسرائيلي.

تحديات أمام تنفيذ المقترح

رغم قوة الطرح، يواجه المشروع عقبات كبيرة:

1. الانقسامات العربية والإسلامية حول أولويات الأمن والسياسة.

2. التبعية الاقتصادية لعدد من الدول الإسلامية للغرب، ما قد يحد من جرأتها.

3. المخاوف من التصعيد العسكري المباشر مع إسرائيل المدعومة أمريكيًا.

ومع ذلك، يرى البعض أن إعلان الفكرة بحد ذاته يمثل ضغطًا سياسيًا، حتى وإن لم يتحقق عمليًا على المدى القريب.

خطاب رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف في قمة الدوحة لم يكن مجرد كلمة تضامنية، بل طرح رؤية شاملة لمواجهة إسرائيل عبر تشكيل قوة مهام عربية إسلامية، ومحاسبتها دوليًا، مع التشديد على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ردود الفعل تشير إلى أن الطرح لقي اهتمامًا واسعًا بين الخبراء والمحللين، خاصة أنه يأتي في لحظة حرجة يعيشها الفلسطينيون بعد مقتل عشرات الآلاف في غزة وتوسع رقعة العدوان الإسرائيلي ليطال قطر.

المستقبل سيكشف ما إذا كانت هذه الدعوة ستبقى في إطار الخطاب السياسي، أم أنها ستتحول إلى خطوة عملية تعيد صياغة التوازنات في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى