النزاع كشمير وأهميته للسلام العالمي

بقلم: الدكتور ذو الفقار كاظمي
لطالما كان السلام أمل كل العصور، ليس شعارًا يُردد، بل حاجة إنسانية تتوق إليها الشعوب. ومع أن الجميع ينشد السلام.
إلا أن الواقع يُظهر أنه يختلف في معناه ومستواه من مجتمع إلى آخر. ففي المجتمعات التي تمزقها النزاعات والانقسامات، يصبح الأمل بالسلام أكثر أهمية وإلحاحًا.
قضية كشمير من أكثر النزاعات تعقيدًا في العالم. ورغم أن مجلس الأمن الدولي أصدر عدة قرارات بشأنها على مدى 78 عامًا، فإنها لا تزال دون حل. المشكلة لا تكمن في إرادة الشعب الكشميري، بل في غياب النية الصادقة لدى الحكومات المعنية.
كشمير ليست مجرد “قضية سياسية”، بل نزاع حقيقي يدفع فيه الناس حياتهم ثمنًا للحرية.
خلال مسيرتي، زرت العديد من الدول، وشاركت في مؤتمرات عالمية للسلام. أذكر مؤتمرًا في كوريا عام 2018، شارك فيه عدد من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جيمس وولسي.
ناقشنا آنذاك أوضاع جنوب آسيا، واتفق الجميع على أن النزاع في كشمير هو التحدي الأكبر أمام السلام في المنطقة.
أحد المشاركين كان مستشارًا لرئيس الوزراء الهندي مودي، تحدث بإسهاب عن الديمقراطية والعلمانية في الهند. لكن كلمات حفيد المهاتما غاندي، كانو غاندي، كانت أكثر تعبيرًا عندما قال: “لم تعد هذه الهند التي عاش فيها جدي.”
هذا التناقض كشف كيف تُشوَّه الحقائق وتُستخدم الروايات السياسية لتغطية الواقع المرير.
السلام، كما أراه، ليس مجرد أمل، بل مسؤولية جماعية. من واجب المجتمع الدولي، وصناع القرار، والمجتمع المدني، أن يتحركوا لإنهاء هذا النزاع التاريخي. فالحرية حق إنساني أساسي، ولا يجوز حرمان الكشميريين منه.
ورغم وضوح قرارات الأمم المتحدة ومعرفة العالم بهذه القضية، ما زال الحل بعيد المنال. ومع اقتراب عام 2025، يظل السؤال مطروحًا: ماذا يمكننا أن نفعل لكشمير؟ لا يمكن للدبلوماسية أن تنجح دون نية صادقة ورغبة حقيقية في تحقيق العدالة.
لقد عانى الشعب الكشميري عبر ثلاث مراحل من الظلم — في ظل حكم دوغرا، ثم الاستعمار البريطاني، وأخيرًا الحكم الهندي. ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا. فبناء الوعي الجماعي، وتعزيز التعاون بين المفكرين وصناع السياسات، يمكن أن يرسم طريقًا نحو الحل.
الحرية ليست امتيازًا تمنحه القوى الكبرى، بل حق إنساني لا يُمكن مصادرته. وكشمير، بكل ما تحمله من معاناة وصمود، تظل اختبارًا حقيقيًا لضمير العالم وإيمانه بالسلام العادل.



