إن الهند تفقد موقفها الأخلاقي المتسامح نتيجة لسياسات رئيس الوزراء ناريندا مودي ضد المسلمين.. وأدت هذه الصفة لخسارة الهند لموقعها المحترم،
رئيسة الوزراء البنغالية الشيخة حسينة -التي تعد حليفا لمودي وأرسلت له 71 وردة حمراء في عيد ميلاده-، ردت على أحداث العنف التي وقعت ضد الأقلية الهندوسية في بلادها بالقول:
«نأمل ألا يحصل مثل هذا في الهند، وهو ما قد يؤثر على الوضع في بنغلاديش ويطال مجتمعنا الهندوسي».
ومودي الذي يحاول تقديم نفسه كحام للضحية الهندوسية، يعمل على تراجع حقوق الإنسان في الهند مما أدى لتآكل الموقف الأخلاقي للبلد الذي يحاول تقديم نفسه على أنه مركز التسامح في منطقة جنوب آسيا.
وتهميش وشيطنة الأقلية المسلمة في الهند، أدت إلى إضعاف حكومة مودي ودور الهند التقليدي وقيادتها في تشجيع التوازن في المنطقة التي تعاني من خطوط الصدع.
وهو ما قد يفتح الباب أمام الصين التي وعدت بالاستثمار والمنافذ على اقتصاد الدول الجارة لها.
ويقول ياشوانت سينها، وزير الخارجية الهندي السابق، إن «الموقف الحزبي للموضوعات الطائفية خلق وضعا لنا من ناحية السياسة الخارجية المتعلقة بالموقف الأخلاقي».
ويضيف: «لا نستطيع القول: توقفوا، يجب ألا يحدث، لأننا نحن مذنبون في هذا».
وفي تصريحات قادة حزب بهارتيا جاناتا، قالوا إن سياسة مودي الخارجية «الجيران أولا»، وهو ما أعلن عنه بعد فوزه في الانتخابات عام 2014.
ويقولون إن القيادة الهندية مكرسة للاستثمار في تحسين العلاقات «التي تعمل على ازدهار الجوار».
دعوات التسامح في المنطقة باتت ضرورية
ففي سريلانكا، تتعامل الغالبية البوذية بشدة مع التاميل الهندوس
والذين قادوا ثلاث حروب أهلية ضد المظالم التي تعرضوا لها خلال العقود الماضية.
وكذا ضد الأقلية المسلمة الصغيرة في البلاد.
وأدى تقسيم الهند في 1947 والحرب التي قادت لانفصال بنغلاديش عن باكستان عام 1971 إلى ترك أقليات وعرقيات وطوائف دينية في هذه المناطق.
وتؤثر السياسة المحلية في بلد على سكان البلد الآخر. ونظرا لكبر حجمها وعدد سكانها الذي يتفوق على الدول الجارة،
فقد ظلت الهند تحدد مسار التعامل مع مجتمعات متنوعة.
وأدت سياسات حزب مودي إلى حرمان الهند من هذه الصفة وخسارتها لموقعها المحترم،
وليس مثل خسارة أمريكا موقعها في مجال الإنسان أثناء فترة دونالد ترامب.
فقد تبنى حزب بهارتيا جاناتا سياسة «الهندوس أولا» والتي حرمت الأقلية المسلمة من حقوقها.
ورفض الحزب منع النزاعات المتشددة داخله بالإضافة للعناصر التي كانت تتسبب بالعنف.
وترى الشيخة حسينة والدول الأخرى في المنطقة، أن سياسات الهند ضد المسلمين أدت لزيادة المواقف المتشددة من الهندوس في بنغلاديش.
ويقول البرفسور محمد تنظيم الدين خان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة دكا إن
«الوضع الذي حدث في بنغلاديش يقوي سياسات هندوتفا ويحاولون استغلالها»
في إشارة إلى أيديولوجية القوميين الهندوس التي يعبر عنها حزب بهارتيا جاناتا.
سياسة هندوتفا
وفي المقابل، فـ«سياسة هندوتفا في الهند تعمل على تقوية سياسات قومية مماثلة في بنغلاديش». واندلع العنف بعد انتشار أخبار عن إهانة القرآن الكريم، مما أدى لمقتل 7 أشخاص حسب تقارير الشرطة.
وزاد العنف من التوتر الطائفي في الهند، ونظم المتطرفون الهندوس احتجاجات في ولاية تربورا القريبة من الحدود مع بنغلاديش،
واحتجوا ضد العنف الممارَس على الهندوس هناك.
وقامت الشرطة بنشر قواتها لحماية المساجد في الولاية، وذلك بعدما قام متطرفون هندوس بتخريب مسجد على الأقل وحرقوا محلات تجارية.
ولم يعلق مودي على العنف، وظل صامتا مع أن عددا من قادة حزبه انتقدوا الأحداث.
وعلى خلاف العلاقات المتوترة مع باكستان، أقام مودي علاقات ودية مع بنغلاديش. لكنّ تصريحات متشددة قد تخرب العلاقات بين دكا ونيودلهي.
أصدقاء في أماكن أخرى
وقد يجد جيران الهند أصدقاء في أماكن أخرى مثل الصين.
وتقدم بكين التي تملك المال والمشاريع، نفسها كبديل.
وبالإضافة لتقوية علاقاتها الاقتصادية مع باكستان، لدى الصين سياسة المساعدات لنيبال وبنغلاديش وسريلانكا.
وترى إبرانا باندي، مديرة مبادرة الهند في معهد هدسون، أن سياسة الهند القومية جعلتها تنظر للداخل بدلا من بناء رؤية خارجية.
وتجنبت في الماضي وعبر رؤيتها التعددية إثارة التوتر، وتبنت رؤية أبوية في بعض الأحيان من جيرانها.
وتقول باندي إن سياسة مودي «الجيران أولا» تتناقض مع الردود العكسية التي تسببت بها الرؤية القومية الهندوسية في الداخل.
وتضيف: «لو دفعت بسرد قومي، فمن الصعب أن تطلب من جيرانك عمل نفس الشيء..
سترى كل دولة في جنوب آسيا تميل نحو القومية وتنسى كل شيء آخر، وهو ما يتسبب بتحديات للهند».
الدولة تشجع العنف ضد الأقليات
ويقول سينها، وزير الخارجية السابق، إن صمت مودي «يعطي انطباعا أننا فقدنا السيطرة على الوضع أو أن الدولة تشجع العنف ضد الأقليات».
وترك سينها حزبَ بهارتيا جاناتا، وأصبح الآن عضوا في حزب معارض بعد أحداث العنف في كوجرات عام 2002 حيث كان مودي رئيس الوزراء في الولاية.
وقال إن العنف لم يؤثر على موقف الهند في ذلك الوقت؛ لأن رئيس الوزراء في حينه آتال بيهاري فاجباي أكد أنه غير مقبول ومعزول.
وفي هذه الأيام يقول المحاورون: «لماذا لا تمارس في وطنك ما تحاول قوله لنا؟».