مقالات

أندليب خان يكتب: باكستان من الدمار إلى الإعمار

تغير المناخ لا يعرف حدودًا، وتشهد باكستان على غضبها العشوائي يجد البلد نفسه تحت رحمة مناخ مضطرب،

حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تعطيل أنماط هطول الأمطار ويغرق المجتمعات في حلقة دائمة من ندرة المياه والكوارث المتعلقة بالمياه.

تسعى باكستان من أجل الصمود، وتتحد مع الشركاء الدوليين، وتتخذ تدابير جريئة لحماية شعبها، وإعادة بناء الحياة الممزقة، وصياغة مستقبل مستدام.

شاركت الأمم المتحدة وحكومة باكستان في استضافة مؤتمر «مقاومة تغير المناخ في باكستان» في جنيف في 9 يناير 2023.

ويهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على التهديد الخطير الذي يمثله تغير المناخ، لا سيما في أعقاب الفيضانات المدمرة في عام 2022.

قدمت العديد من الدول ووكالات التنمية تعهدات خلال المؤتمر، تغطي مجتمعة أكثر من نصف المبلغ المطلوب البالغ 16 مليار دولار لإعادة الإعمار كما طلبت الحكومة الباكستانية.

في منتصف يونيو 2022،

شهدت باكستان أمطارًا موسمية غير مسبوقة، مما أدى إلى أسوأ فيضانات شهدتها البلاد منذ عقد. وفقًا للهيئة الوطنية الباكستانية لإدارة الكوارث (NDMA)،

فقد تضرر أكثر من 33 مليون شخص، ودُمر أو تضرر أكثر من مليون منزل. أودت الفيضانات بحياة ما لا يقل عن 1100 شخص وغمرت مناطق شاسعة تغطي عدة مقاطعات،

بما في ذلك البنجاب وخيبر باختونخوا وبلوشستان والسند.

كما سلط تقرير NDMA الضوء على الأزمة الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن تدمير الثروة الحيوانية والزراعة خلال فيضانات 2022.

أدت هذه الأزمة إلى نقص حاد في الغذاء، مما جعل ضحايا الفيضانات عرضة لسوء التغذية. علاوة على ذلك، تأثر نظام الرعاية الصحية بشدة،

مع تفشي الأمراض المنقولة بالمياه مثل الإسهال وحمى الضنك والملاريا. واجهت النساء الحوامل تحديات إضافية بسبب محدودية الوصول إلى خدمات الأمومة ومنتجات النظافة الصحية للحيض في المناطق المنكوبة بالفيضانات.

على الرغم من التحديات الهائلة التي تشكلها الفيضانات،

قدمت حكومة باكستان، بمساعدة الأمم المتحدة، 245 مليون دولار في شكل دعم نقدي إلى 2.2 مليون أسرة.

ومع ذلك، فإن المهمة الشاقة المتمثلة في إعادة الإعمار وإعادة التأهيل ما زالت تنتظرنا.

تقييم شامل لاحتياجات ما بعد الكارثة

بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي والاتحاد الأوروبي، أعدت باكستان تقييمًا شاملاً لاحتياجات ما بعد الكارثة (PDNA).

ويقدر التقييم أن أضرار الفيضانات تتجاوز 14.9 مليار دولار، والخسائر الاقتصادية تتجاوز 15.2 مليار دولار، واحتياجات إعادة الإعمار تصل إلى أكثر من 16.3 مليار دولار.

إن إحياء سبل العيش سيشمل إعادة بناء المساكن الخاصة والبنية التحتية العامة، بما في ذلك الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات.

أكد الدكتور عمران خالد، مدير الحوكمة والسياسات في الصندوق العالمي للطبيعة في باكستان،

على حاجة باكستان لتحويل اعتمادها على الطاقة من الفحم إلى المصادر المتجددة. في حين أن مساهمة باكستان في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية أقل من 1%،

شدد الدكتور عمران على أهمية الحد بشكل استباقي من الاعتماد على الفحم والانتقال إلى مصادر الطاقة البديلة،

مع الأخذ في الاعتبار أن العديد من البلدان الأخرى تقوم بالفعل بهذا التحول.

أوضح الدكتور سردار سارفراز، كبير خبراء الأرصاد الجوية في قسم الأرصاد الجوية،

أن الرياح الغربية عادة ما تجلب عواصف رعدية وتساقط ثلوج خلال فصل الشتاء. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، امتد ضغط هذه الرياح إلى ما بعد الإطار الزمني المعتاد.

شهدت أجزاء عديدة من البلاد هطول أمطار فوق المتوسط​، ناتج عن استمرار وجود الرياح الغربية لفترات طويلة.

صرح الدكتور سارفراز

أن متوسط ​​درجات الحرارة متوقع في الأيام القليلة الأولى من شهر يونيو، دون أي انحرافات كبيرة.

يلوح شبح الفيضانات المدمرة بشكل كبير فوق باكستان حيث تصدر الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث (NDMA) تحذيرًا صارخًا:

هناك احتمال بنسبة 72% لوقوع مثل هذه الأحداث الكارثية هذا العام. في مواجهة هذا التنبؤ المثير للقلق،

يجب اتخاذ تدابير عاجلة ووضع خطة قوية لتجنب المخاطر المحتملة وتقليل الأضرار البعيدة المدى.

يؤكد الدكتور عمران خالد،

مدير الحوكمة والسياسة، الصندوق العالمي للطبيعة في باكستان،

على الحاجة الماسة إلى نهج مزدوج للتكيف مع المناخ والتخفيف من حدته في باكستان لمعالجة آثار تغير المناخ وتجنب المزيد من العواقب الوخيمة. 

ينطوي التكيف على تنفيذ إجراءات وسياسات تقلل من الآثار الضارة لتغير المناخ،

بينما يركز التخفيف على تدابير للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومعالجة السبب الكامن وراء تغير المناخ.

ومن الجوانب الحاسمة التي تتطلب الاهتمام تعزيز قدرة المزارعين، وتمكينهم بالمعرفة والموارد اللازمة للتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

بالإضافة إلى ذلك،

يجب بذل جهود متضافرة لتطوير تصميمات مساكن مقاومة للفيضانات يمكنها التخفيف من أضرار الفيضانات

وتزويد المجتمعات بالمهارات والموارد اللازمة للتعامل مع موجات الحر.

في الوقت الذي تكافح فيه باكستان مخاطر الفيضانات المتوقعة، من الضروري اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة.

من خلال صياغة خطة شاملة تشمل التكيف مع المناخ واستراتيجيات التخفيف،

وتعزيز مرونة المجتمع، ومعالجة أوجه القصور في الحوكمة، يمكن للأمة تقليل التعرض للفيضانات المدمرة وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة وأمانًا.

حان وقت العمل الآن، من أجل سلامة ورفاهية الأجيال الحالية والمقبلة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى