الهند تواجه «انهيارا محتملا»
قبل نحو عقدين، حذر خشوانت سينج، دبلوماسي هندي، من سقوط الهند كدولة، مشيرًا إلى أنه لا يخشى على الهند من باكستان أو الصين، أو أي من الدول المجاورة، ولكنه يخشى سقوطها من الداخل، بفعل سياسة القوميين الهندوس، الذين يميزون بين الشعب الهندي على أساس ديانته.
الهندوسية عامل الهدم الرئيسي
الدور الهندوسي المتعاظم في رفض الآخر، بعنصره وعرقه ودينه، وهذا هو بيت القصيد في حالة الهند التي يتعاظم فيها التطرف الهندوسي بشكل يتجه بالدولة إلى نقطة النهاية، ولن يمنع ذلك تقدم اقتصادي أو تكنولوجي أو غيره،
وقد عبر عن هذه الحالة الدبلوماسي والمربي والصحفي الهندي خشوانت سينج أصدق تعبير إذ قال في مقدمة كتابه (نهاية الهند):
«قد لا تكون باكستان أو أية قوة خارجية هي التي ستحطمنا، بل يمكن أن نـُدمر أنفسنا بأنفسنا، معلقا بذلك على مذبحة كجرات عام 2002 والتي أحرق فيها الهندوس آلاف المسلمين وهم أحياء،
ومشيرًا أن الأمر لم يكن عشوائيًا، بل كان مُهَنْدَسًا من أجل فوز المرشح الهندوسي في انتخابات الولاية،
والذي يدعم النظرية الهندوسية المتطرفة التي لا تحب ذكر أي شيء من تجاربنا في قصتنا الحديثة»
ويقول: «عندما حصلت الهند على استقلالها لم يخطر ببال أحد أن الخطر القادم على الهند هو من داخل الهند نفسها».
ويقول أحد محرري جريدة «ستيتسمين» الهندية: إن الهندوسية تقتل الهند وتقضي على الأمة الهندية،
باختصار: إذا أرادت الهند أن تعيش فعلى الهندوسية أن تموت.
ويؤكد هذه الرؤية زعيم المنبوذين إمبيدكار فيقول:
إذا أراد الهندوس أن يكونوا مجتمعين غير ممزقين فعليهم تجاهل مبادئ الهندوسية وتجاوزها،
فالهندوسية هي أكبر عائق في طريق وحدة المجتمع الهندي، وهي غير قادرة على توفير العوامل الأساسية لأي مجتمع متكامل وموحد.
كما أن الهند في وضعها الحاضر بما تضم من أعراق وأديان ولغات وأقوام ومذاهب اجتماعية وغير اجتماعية ، تركيبة غير سوية وغير سليمة في حد ذاتها ولا يمكن دوامها مترابطة على هذا النمط،
فهي خليط أشبه بمزج الطين على العسل أو الحلويات بالبصل، فإذا كان هذا غير ممكن فإن بقاء الهند على ما هي عليه غير ممكن أيضًا،
ولذا فإنه لا بد لهذا العقد المصطنع أن ينفرط في يوم من الأيام، بل يجب أن ينفرط لكي تعيش كل الأقوام الموجودة في هذه البقعة من العالم بحرية في نطاق عقائدها وتقاليدها ولغاتها.
«الانهيار المحتمل للأمة»
ونفس التحذير السابق أعاده أمارتيا سين، الحائز على جائزة نوبل والاقتصادي الشهير، عندما قال إن أكبر أزمة تواجهها الهند اليوم هي «الانهيار المحتمل للأمة».
في حديثه في افتتاح مركز أمارتيا للأبحاث في منطقة سولت ليك في كولكاتا ، قال سين إنه يجب على الناس العمل من أجل الحفاظ على الوحدة وأنه لا ينبغي عمل الانقسامات على أسس دينية.
أعتقد أنه إذا سألني شخص ما إذا كنت خائفًا من شيء ما ، فسأقول «نعم».
هناك سبب للخوف الآن. قال الخبير الاقتصادي الشهير: “لقد أصبح الوضع الحالي في البلاد مدعاة للخوف”.
وأضاف سين، أريد أن تتحد البلاد. لا أريد الانقسام في بلد كان تاريخيًا ليبراليًا.
قال سين كذلك، لقد عرف العالم الأوبنشاد بسبب أمير مسلم. تعلم دارا سيخوه، ابن شاه جيهان، اللغة السنسكريتية وترجم بعض الأوبنشاد إلى الفارسية.
وأكد سين أن الهند لا يمكن أن تنتمي فقط للهندوس أو للمسلمين، وشدد على ضرورة البقاء متحدا بما يتماشى مع تقاليد البلاد.
لا يمكن أن تكون الهند (دولة) من الهندوس فقط.
مرة أخرى، لا يستطيع المسلمون وحدهم صنع الهند. وأضاف سين: «يجب على الجميع العمل معًا».