محمد منهاج الإسلام يكتب: «إسرائيل» ليست موضع ترحيب في باكستان
في 26 فبراير 2019، وضع وزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي كرة تطبيع بلاده مع «إسرائيل» في ملعب الأخيرة، حين أكد أن التطبيع مرهون بتقدم حل القضية الفلسطينية.
ولا يعد تصريح المسئول الباكستاني غريبًا على المسامع الإسرائيلية، فقد كان أي اقتراح بانفتاح باكستان نحو علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» يثير ردة فعل عنيفة من شخصيات سياسية باكستانية،
مثل قول وزير الشؤون الدينية والأقليات إعجاز الحق آنذك: «لا يمكننا حتى التفكير في إقامة علاقات مع إسرائيل»،
وهي الرؤية التي زادت تشاؤم «إسرائيل» مع فوز عمران خان بكرسي حكم باكستان في 26 من يوليو (تموز) 2018،
فخان الذي طالما واجه نظريات مؤامرة معادية للسامية بسبب جذور زوجته الأولى اليهودية، ينتقد «إسرائيل» مرارًا، ويندد بسياستها تجاه قطاع غزة.
تغيير خان لموقف بلاده الرسمي من «إسرائيل»
ومع تشكيك الخبراء الإسرائيليين بتغيير خان لموقف بلاده الرسمي من «إسرائيل»، يكثف الإسرائيليون الآن جهدهم للحفاظ على ما جنوه من تغللهم في الهند،
فنيودلهي التي أولت القضية الفلسطينية اهتمامًا وثيقًا ودعمتها بشكل كبير،
مقابل اتسام العلاقات الهندية الإسرائيلية بنوع من القطيعة،
وصلت الآن إلى أوج التقارب مع الإسرائيليين منذ تاريخ إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الجانبين، في عام 1992،
وجاء ذلك على حساب دعمها السابق للقضية الفلسطينية.
وأصبحت الهند الآن واحدة من أبرز الدول التي أحدثت فيها «إسرائيل» تحولات ارتكزت على الفصل التام بين مسار الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية من ناحية،
وعلاقات تلك الدول بـ«إسرائيل» من ناحية أخرى، فرئيس الوزراء الهندي خلال زيارته لتل أبيب في يوليو 2017 لم يكتف بتغيب القضية الفلسطينية،
بل مر بالأراضي الفلسطينية دون أن يزور رام الله مقر السلطة الفلسطينية كمحطة معتادة للزعماء الزائرين،
الذين يحاولون عادة الحفاظ على التوازن في العلاقات السياسية.
الموقف الباكستاني من التطبيع
بيد أن ما ينغص على الإسرائيليين ليس فقط الموقف الباكستاني من التطبيع معها، بل موقف سكان كشمير الداعم للقضية الفلسطينية،
التي يرى فيها نموذجًا مشابهًا لحالته كإقليم تحت احتلال، وفيما هم يخطون على الجدران شعارات مثل:
«عاشت فلسطين» و«الحرية لغزة» و«الحرية لكشمير»،
تعمل «إسرائيل» على صناعة المفاهيم التي تحصرهم في زاوية الإرهاب،
مشرعنة الانتهاكات الهندية بحقهم تحت هذه الذريعة، تمامًا كما تعامل الفلسطينيين.
النووي الباكستاني يخيف تل أبيب
«وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد بالرد النووي، على افتراض قيام باكستان بدور في سوريا ضد «داعش» (تنظيم الدولة الإسلامية)،
«إسرائيل» تنسى أن باكستان دولة نووية أيضًا»، تغريدة نشرها وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف في 23 ديسمبر 2016.
وبرغم أن التصريح السابق جاء ردًّا على خبر كاذب يدعي تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بتدمير باكستان نوويًّا إذا أرسلت قوات عسكرية إلى سوريا،
فإن الحقائق تؤكد أن «إسرائيل» تنظر بعين غاضبة دومًا إلى باكستان كونها قوة نووية لا تربطها بها علاقات رسمية أو اتصالات،
وتذكر مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية أن «تطور قدرات باكستان في مجال الصواريخ النووية، وتزايد التعاون العسكري بينها وبين «إسرائيل»،
يزيد تركيز كل منهما على قدرات الآخر العسكرية، في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية بينهما»، وتضيف المجلة:
«وجود مستوى كبير من الشكوك وغياب الثقة بين «إسرائيل» وباكستان،
العلاقة الأمنية المتزايدة بين «إسرائيل» والهند، تعمل على تعزيز نظريات المؤامرة حول وجود تحالف هندي- إسرائيلي ضد باكستان».
وبرغم عدم تهديد باكستان لـ«إسرائيل»، فإن تل أبيب لا ترى في قدرات باكستان الصاروخية ذات الرؤوس النووية إلا شبح نظام إسلامي نووي،
ويتزايد هذا التخوف عندما يرى الإسرائيليون نجاح اختبارات باكستان لأحد أسلحتها النووية،
كصاروخ (شاهين- 3) متوسط المدى الذي يبلغ مداه ما يقرب من 2750 كم،
والذي تقصد فيها باكستان ترهيب عدوها الهندي، فتراه إسرائيل مصوبًا نحوها؛
لكونه قادرًا على ضرب أراضيها، كما أن سيناريو وصول جنرالات باكستانيين «متعاطفين مع الإسلاميين» ووقوع الترسانة النووية الباكستانية في أيديهم لا يغادر المخيلة الإسرائيلية.
ومع ما سبق يظهر أن أحد دوافع تطوير «إسرائيل» علاقاتها مع الهند يهدف إلى تنشيط جبهة توقف أي احتمال لتطوير القدرات النووية الباكستانية كعنصر تهديد لـ«إسرائيل»،
حتى وصل الأمر لطلب الإسرائيليين من الهند استخدام إحدى قواعدها القريبة من الحدود مع باكستان،
من أجل توجيه ضربة ضد المجمع النووي الباكستاني في عام 1998.