سمير حسين زعقوق يكتب: تموت الهندوسية.. تحيا الهند!
العنوان ليس شعارًا يردده متظاهرون، لكنه حقيقة، فإذا أرادت الهند أن تعيش كدولة علمانية حسب ما ورد في دستورها، فلابد أن تموت الهندوسية التي تدفع الهند دولة الديانات واللغات المتعددة بقوة نحو السقوط، فكل المؤشرات تشير إلى هذا السقوط، يرونه بعيدًا ونراه قريبًا، يقود الهند لهذا السقوط الإرهابي الهندوسي المتطرف الأرعن ناريندرا مودي، الذي يرأس وزراءها، بحزبه بهارتيا جاناتا، بجناحه العسكري الـ RSS (راشتريا سوايام سيفاك سانغ)، التي تربّي في أحضانها وعلى مبادئها مودي، الذي يقود مجموعة من المتطرفين الهندوس، تخصصت في قتل المسلمين، وإذلالهم، ودفعهم إما إلى الهجرة إلى باكستان وبنجلاديش، وإما إلى الموت، بقانون وافق عليه حزبه يقضي بطرد المسلمين من الهند، وقبلها إلغاء المادة 370 التي تحتفظ للمسلمين بوضعية خاصة، وحتى يستطيع أن يُغيّر التركيبة السكانية .
حالة الهند التي تحتضن فسيفساء من الديانات واللغات واللهجات، تسود فيها الهندوسية، بوصفها الديانة التي يحكم معتنقيها البلاد الآن، وللهندوسية دور متعاظم في رفض الآخر، بعنصره وعرقه ودينه، وهذا هو بيت القصيد في حالة الهند التي يتعاظم فيها التطرف الهندوسي بشكل يتجه بالدولة إلى نقطة النهاية، بل ورئيس وزراءها الحالي “ناريندرا مودي” حين تم ارتكاب محرقة ضد المسلمين في ولاية جوچارات الهندية عام 2002، كان يشغل منصب رئيس حكومة هذه الولاية، وهو من أشرف على المحرقة.
فلن يمنع التقدم الاقتصادي أو التكنولوجي أو غيره، سقوط الدولة، أي دولة، حال تطرفها، وميلها إلى دين يرفض بقية الأديان من التعايش تحت سماء واحدة على أرض واحدة، وقد عبر عن هذه الحالة الدبلوماسي والمربي والصحفي الهندي خشوانت سينج أصدق تعبير إذ قال في مقدمة كتابه (نهاية الهند):”قد لا تكون باكستان أو أي قوة خارجية هي التي ستحطمنا، بل يمكن أن نـُدمر أنفسنا بأنفسنا، معلقا بذلك على مذبحة جوچارات عام 2002 والتي أحرق فيها الهندوس آلاف المسلمين وهم أحياء، ومشيرًا إلى أن الأمر لم يكن عشوائيًا، بل كان مُهَنْدَسًا من أجل فوز المرشح الهندوسي في انتخابات الولاية ، والذي يدعم النظرية الهندوسية المتطرفة التي لا تحب ذكر أي شيء من تجاربنا في قصتنا الحديثة” ويقول: “عندما حصلت الهند على استقلالها لم يخطر ببال أحد أن الخطر القادم على الهند هو من داخل الهند نفسها”.
ويقول أحد محرري جريدة “ستيتسمين” الهندية: “إن الهندوسية تقتل الهند وتقضي على الأمة الهندية، باختصار: إذا أرادت الهند أن تعيش فعلى الهندوسية أن تموت.
ويؤكد هذه الرؤية زعيم المنبوذين إمبيدكار فيقول: “إذا أراد الهندوس أن يكونوا مجتمعين غير ممزقين فعليهم تجاهل مبادئ الهندوسية وتجاوزها، فالهندوسية هي أكبر عائق في طريق وحدة المجتمع الهندي، وهي غير قادرة على توفير العوامل الأساسية لأي مجتمع متكامل وموحد.
كما أن الهند في وضعها الحاضر بما تضم من أعراق وأديان ولغات وأقوام ومذاهب اجتماعية وغيرها، تركيبة غير سوية وغير سليمة في حد ذاتها ولا يمكن دوامها مترابطة على هذا النمط، فهي خليط أشبه بمزج الطين على العسل أو الحلويات بالبصل، فإذا كان هذا غير ممكن فإن بقاء الهند على ما هي عليه غير ممكن أيضًا، ولذا فإنه لا بد لهذا العقد المصطنع أن ينفرط في يوم من الأيام، بل يجب أن ينفرط لكي تعيش كل الأقوام الموجودة في هذه البقعة من العالم بحرية في نطاق عقائدها وتقاليدها ولغاتها.