كشمير

«قيود» الحكومة الهندية تعصف بقطاع الصحة في كشمير

تحددت الجلسة العلاجية لنور الله خان (60 عاما)، الذي يقطن بمنطقة «كولجام» في كشمير، بمستشفى «سورا»، التابع لمعهد «شير كشمير للعلوم الطبية»، في 9 من أغسطس الماضي، بهدف تلقي جلسات العلاج من سرطان القولون. لكن نظراً لاستمرار إغلاق الطرق ونقص وسائل النقل العام، فاتته الجلسة.

 

وبعد أن رفعت القيود المفروضة على كشمير، وصل نور الله إلى مدينة «سريناجار»، التي تبعد نحو 33 ميلاً عن مسقط رأسه، وهناك أخبره الطبيب أنه لا يمكن تغيير موعده إلى جلسة ذلك اليوم بسبب قائمة المرضى المزدحمة. ونظراً لأن الحكومة الهندية ألغت الوضع الخاص، الذي كانت تتمتع به ولايتا «جامو» و«كشمير» في السابق، فقد فُرضت الكثير من القيود على الاتصالات والتنقل لإحباط أي حادث إرهابي محتمل. ورغم تخفيف القيود تماماً بمنطقتي «جامو» و«لاداغ»، فإن الوضع ليس كذلك في معظم أنحاء كشمير.

 

في ظل هذا الوضع المضطرب، تواجه كشمير أزمة صحية كبيرة ناجمة عن نفاد الأدوية، وبسبب ذلك يتم إبعاد المرضى عن المستشفيات، ولم يعد الناس قادرين على طلب سيارات الإسعاف، وسط استمرار إغلاق المنطقة المتنازع عليها.

 

وقبل أيام وصلت نجاة شريف (25 عاماً) إلى قسم الطوارئ بمستشفى «شري مهراجا هاري سينغ»، إثر شعورها بألم شديد في بطنها. وبعد إجراء الموجات فوق الصوتية، أفاد الأطباء بأنها بحاجة لجراحة فورية في الكلى لإزالة الكثير من الحصوات، لكن لم يتسن لها ذلك. أما في شمال كشمير، فلم يستطع شوكت حسين، البالغ من العمر 12 عاماً، بدوره إجراء الجراحة التي يحتاجها لعلاج الفتق.

 

يقول أحمد شميم أحمد حسين، والد شوكت، إن «الفتق يسبب له الكثير من الألم، وكثيرا ما يستيقظ أثناء الليل وهو يبكي. لقد تم تأكيد موعد الجراحة الأسبوع الثاني من شهر أغسطس الماضي، لكن الأطباء طلبوا منه بعد ذلك العودة حالما تهدأ الأزمة في كشمير».

 

في غضون ذلك، يتم إرسال المرضى إلى المنزل في وقت مبكر، بعد تلقي العلاج الأساسي، ما يجعلهم عرضة للعدوى خلال فترة النقاهة. وفي ظل معاناة المرضى الشديدة في كشمير بسبب كثرة القيود وحظر الاتصالات، دون الصحافي المحلي عادل أخضر معاناته الشخصية؛ حيث كتب موضحا كيف استغرق الأمر نحو ثماني ساعات كي تتمكن عائلته من التواصل معه لإبلاغه بأن شقيقته خضعت لعملية إجهاض في مستشفى بالقرب من مكتبه، وكيف أعرب له الأطباء في المستشفى عن أسفهم لأن قطع خطوط الهاتف منعهم من التواصل في الوقت المناسب مع اختصاصي أمراض نساء كبير يمكنه إنقاذ حياة الطفل.

 

من جهته، أفاد بلال أحمد، الذي حضر رفقة شقيقه الذي يعاني من مرض السرطان، بأنه كان من المستحيل عليه نقل المريض إلى المستشفى ثلاث مرات في الأسبوع، ولذلك قرروا وضعه في ملجأ المستشفى الخيري القريب. وقال بهذا الخصوص: «لو كان الوضع طبيعياً لكنا عدنا إلى بلدنا، لكن من المستحيل العودة في هذه الحالة، لذلك قررنا البقاء هنا».

 

وفي الوقت الراهن يوجد الكثير من المرضى في إقليم كشمير، الذين يعانون من أمراض خطيرة، والذين يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الرعاية الصحية، وجلهم يبيت في الخيام بمحيط المستشفى لتلقي جلسات العلاج الكيميائي أو لغسل الكلى، فيما يحاول البعض الآخر الانتقال إلى المستشفى في الأيام المحددة في ظل ظروف صعبة. وفي الوقت ذاته، ذكرت مجموعة تضم 18 طبيباً من مختلف أنحاء الهند في رسالة، نشرت في 16 أغسطس بمجلة «بي إم جي» الطبية، أن الوضع في جامو وكشمير بات يمنع الناس من الحصول على الرعاية الصحية.

 

ففي رسالة كتبها الدكتور راماني أتكوري، طبيب الصحة العامة بولاية «ماديا براديش»، قال إن هناك «إنكارا صارخا للحق في الرعاية الصحية والحق في الحياة».

 

وبحسب الرسالة، فليس المرضى وحدهم من يواجه صعوبة في الوصول إلى المستشفيات، بل حتى الموظفون يمرون بنفس الظروف؛ حيث يجدون صعوبة في الوصول إلى عملهم. ولذلك فإن المستشفيات، التي عادة ما تكون مكتظة بالمرضى، باتت الآن خاوية إلى حد كبير.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط

سمير زعقوق

كاتب صحفي، وباحث في شئون شبه قارة جنوب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى