كشمير

الأمم المتحدة تدين القمع الهندي في كشمير

بعد نحو شهر من قرار السلطات الهندية بإلغاء الحكم الذاتي على الجزء التابع لسيطرتها من إقليم كشمير، أعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، “ميشيل باشليه” عن قلقها العميق من ممارسات السلطات الهندية في “إقليم جامو وكشمير” خلال الأيام الأخيرة.

 

 

وقالت ميشيل باشليه خلال افتتاح الجلسة الـ 42 لمجلس حقوق الانسان بمكتب الأمم المتحدة في جنيف الإثنين، أنها تشعر بقلق عميق جراء ممارسات الحكومة الهندية ، في كشمير، في الأونة الأخيرة، بما فيها القيود على الانترنت والمظاهرات السلمية وتوقيف ساسة ونشطاء محليين.

 

 

 

وأشارت المفوضة السامية، إلى أنها ستواصل دعواتها إلى حكومتي الهند وباكستان، لاحترام ومراعاة حقوق الانسان، فيما ناشدت الهند على وجه الخصوص، لتخفيف العزلة أو حظر التجوال، من أجل إتاحة المجال لسكان كشمير في الوصول إلى الخدمات الأساسية، واحترام حقوق الموقوفين.

 

 

عمران خان رئيس وزراء باكستان رحب بموقف مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على حسابه الرسمي على موقع تويتر قائلا: (لا ينبغي للعالم أن يظل غير مبال بانتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق التي تخضع للحصار من قبل القوات الهندية، أرحب بشكل خاص ببيان اليوم من جنيف إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان).

 

 

وكانت أزمة إقليم كشمير اشتعلت بعدما ألغت الحكومة الهندية بنود المادة 370 من الدستور في 5 أغسطس المنصرم، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية “جامو وكشمير” في مسعى لدمج منطقتها الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة مع بقية أجزاء البلاد، في أكبر تحرك بشأن الإقليم المتنازع عليه الواقع في منذ نحو 70 عامًا.

 

 

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أرجع إلغاء الوضع الدستوري الخاص بكشمير إلى ضرورة تنمية اقتصاد الإقليم ووضع حد لـ”الإرهاب” وإرساء السلام والازدهار في المنطقة التي تشهد منذ عقود تمردا على سلطات نيودلهي أوقع عشرات آلاف القتلى.

 

 

وبعد هذا القرار اندلعت الإضطربات في إقليم كشمير، أوقفت السلطات الهندية آلاف الأشخاص في الجزء الهندي من كاشمير، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية التي نقلت عن قاضي رفض ذكر اسمه قوله إن 4 آلاف شخص على الاقل اعتقلوا، وتم احتجازهم بموجب قانون السلامة العامة الذي يتيح للسلطات احتجاز الناس لمدة تصل إلى عامين، من دون توجيه اتهامات اليهم أو محاكمتهم.

 

 

 

كما قطعت السلطات الهندية شبكات الهاتف والإنترنت عن المنطقة واعتقلت العديد من القادة السياسيين في كشمير ونشرت عشرات آلاف الجنود في سريناغار كبرى مدن الإقليم وغيرها من القرى، ومنعت الاحتفالات بعيد الأضحى وأجبرت المواطنين على المكوث في المنازل وأغلقت أكبر مسجد في كشمير، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

 

 

 

على الجانب الآخر في أعقاب القرار، اعتبرت باكستان إلغاء الهند وضع الحكم الذاتي الدستوري لولاية كشمير الهندية خطوةً “غير شرعية”، مؤكدة أن المنطقة، التي تطالب العاصمة الباكستانية إسلام أباد بالسيادة عليها، معترف بها دولياً كأرض متنازع عليها.

 

 

 

وأكدت الخارجية الباكستانية في بيان لها : (تندد باكستان بشدة وترفض الإعلان الصادر من نيودلهي، مضيفة “لا يمكن لأي إجراء أحادي الجانب من الحكومة الهندية أن يغير الوضع المتنازع عليه وكجزء من هذا النزاع الدولي، ستفعل باكستان كل ما بوسعها للتصدي للإجراءات غير الشرعية).

وكرد فعل سريع، طردت باكستان السفير الهندي، وأوقف التجارة مع نيودلهي.

وأعادت النظر في الترتيبات الثنائية وطرح القضية أمام الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، فيما قال عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني:”تفعيل كل القنوات الدبلوماسية لفضح وحشية النظام العنصري الهندي، وانتهاكاته لحقوق الإنسان”.

 

 

وقال عمران خان في تغريدتين على حسابه بتويتر،إن على حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي “العنصرية الهندوسية الفاشية أن تعلم أنه بينما يمكن هزيمة الجيوش والمسلحين والإرهابيين على أيدي قوات متفوقة، يخبرنا التاريخ أنه عندما تتحد أمة وتناضل في سبيل الحرية ولا تخشى الموت، لا يمكن لأي قوة أن تمنعها من تحقيق هدفها”.

 

 

وأضاف في تغريدة ثانية “لهذا السبب فإن العقيدة الإقصائية لحكومة مودي التي تسعى لتوطيد هيمنة الهندوس، مع أساليبها الفاشية في جامو وكشمير، ستفشل فشلا ذريعا في محاولتها إخماد نضال الكشميريين في سبيل الحرية”.

 

 

وبالفعل عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة في 16 أغسطس الماضي لأول مرة منذ 54 عاما، بشأن الأوضاع في جامو وكشمير لمناقشة قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي في الشطر الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير، فيما قال المندوب الصيني لدى مجلس الأمن إن خطوة الهند سببت توترات في المنطقة.

 

 

وأكد المندوب الصيني خلال الجلسة المغلقة أن بلاده لا تعترف بها، بينما قال سفير الهند في الأمم المتحدة سيد أكبر الدين للصحفيين في نيويورك بعد اجتماع مجلس الأمن:”لا نحتاج إلى هيئات دولية تتدخل في شؤون غيرها لمحاولة إطلاعنا على كيفية إدارة حياتنا. نحن أمة تتجاوز المليار نسمة”.

 

 

وبعد يوم واحد من مناقشة أزمة كشمير في مجلس الأمن، قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في مؤتمر صحفي، في العاصمة إسلام أباد، أن باكستان تقيم مراكز لكشمير في عواصم أجنبية “للضغط من أجل الكشميريين وحقهم في تقرير المصير.

 

 

وقال قرشي، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المتحدث العسكري آصف غفور، إن القوات المسلحة الباكستانية ستكون مستعدة “للرد بحزم” على أي “عمل مغامر” قد تقوم به الهند في أعقاب اجتماع الأمم المتحدة، بحسب فرانس برس.

وبعد ساعات من عقد مجلس الأمن الجلسة المغلقة، وقع إطلاق نار كثيف عبر الحدود بين قوات الهند وباكستان، ودائما ما تحدث اشتباكات، ففي فبراير الماضي، أعلنت باكستان أنها أسقطت طائرتين تابعتين لسلاح الجو الهندي داخل مجالها الجوي في كشمير وأسر طيارين هنديين، فيما أكدت نيودلهي أنها أسقطت مقاتلة باكستانية في اشتباكات جوية.

بينما أعلن وزير الخارجية الباكستانى شاه محمود قريشى، أنه يتحدى رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى أن يجرى استفتاء عاما فى إقليم كشمير للإطلاع على ردود أفعال سكانه بخصوص قرار الهند بإلغاء الوضع الخاص للإقليم.

وقال قريشى – خلال مؤتمر صحفى، نقلته صحيفة “إكسبرس تريبيون” الباكستانية، إن “مودى لم يف بعهد الأمم المتحدة، ولكن إذا أراد أن يختبر مدى شعبية قراره بتجريد الإقليم من وضعه الخاص، فيجب أن يجرى استفتاء وسيتضح له كل شىء”.

وأشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قال – فى وقت سابق – إن المنظمة تعتبر إقليم كشمير منطقة متنازع عليها وأن حل هذا النزاع يكمن فى ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية والالتزام بالقوانين الدولية.

ولفت قريشى إلى أن تصريحات جوتيريش تعد انتصارًا دبلوماسيًا ضخمًا لباكستان، غير أنه تساءل عن سبب إصرار المجتمع الدولى على إجراء محادثات بين الهند وباكستان، مؤكدًا أن إسلام أباد لم تعترض قط على إجراء حوار ثنائى.

وأوضح أن هناك ثلاثة أطراف منغمسون فى النزاع على الإقليم وهم الهند وباكستان والشعب الكشميري، مشيرًا إلى أن إسلام أباد ونيودلهى لا تشاركان على الإطلاق فى قرارات مجلس الأمن، بينما يخضع الكشميريون لقيود وحظر تجول من جانب الهند.

وبحسب وكالة الأناضول، يرى مراقبون أن خطوات نيودلهي من شأنها السماح للهنود من ولايات أخرى بالتملك في الإقليم، وبالتالي إحداث تغيير في التركيبة السكانية للمنطقة، لجعلها ذات أغلبية غير مسلمة.

ويعتبر صراع الهند وباكستان على كشمير من أطول النزاعات الدولية، إذ بدأ قبل سبعين عاما، في أعقاب إعلان استقلال الهند عن الاحتلال البريطاني في 1947، وفي يناير عام 1949 تدخلت الأمم المتحدة في النزاع المسلح بين البلدين على الإقليم، وتم تحديد خط لوقف إطلاق النار، وبموجبه وضع ثلثي مساحة كشمير تحت السيطرة الهندية، والباقي تحت السيطرة الباكستانية.

ولم تمنع المعاهدة خوض الدولتين حربين في 1965 و1971 إلى جانب تلك التي اندلعت قبل إبرام الاتفاقية وكانت في العام 1948 مما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين، وتتمسك الهند بهذا الإقليم لأنها تعتبره ميزان القوى في جنوب آسيا و بينها و بين الصين.

أما باكستان تعتبر إقليم كشمير ذا أهمية جغرافية وسكانية وحيوية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة منه، لكنها تتحكم في نحو 37 % فقط من هذا الأقليم، بينما تسيطر الهند على 43 % منه، فيما تحكم الصين حاليا ثلاثة مناطق في الأقليم منذ استيلائها على “أكساي تشين” خلال الحرب الهندية الصينية.
#كشمير_المسلمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى