ثقافةطريق الحرير

مصر وباكستان تتمتعان بموقع متميز وسط أهم المحاور التجارية العالمية

باكستان تدعم دور الأزهر الشريف وخاصة في أفريقيا

نظمت الإدارة العامة للمواهب بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ندوة لمناقشة كتاب “مصر.. إفريقيا الطريق إلى المستقبل”، وتحدث في الندوة مؤلفا الكتاب، وهما كل من الدكتور أحمد أبو زيد، الباحث في إدارة الأزمات والأمن الإقليمي، وبهاء الدين عياد نائب القسم الخارجي والدبلوماسي بجريدة الوطن المصرية، والباحث في العلاقات الدولية وشئون الأمن القومي العربي والأفريقي.

وقال الدكتور أحمد أبوزيد المؤلف المشارك بالكتاب أن مصر باتت دولة منفتحة بقوة على فرص عظيمة للتعاون والمنفعة الاقتصادية من خلال ترسيخ علاقاتها بدول القارة الأفريقية التي تشمل ما لا يقل عن 15 دولة واحدة ولديها إمكانيات اقتصادية ضخمة، وهو أمر يؤكده مدى الاهتمام الدولي بأفريقيا حاليا، وهو أمر يتيح لمصر فرص للتعاون الثلاثي بين مصر والدول الكبرى المهتمة بأفريقيا ودول القارة من جهة ثالثة، وذلك بقدر ما يفرض نوع من المنافسة على الدخول إلى أفريقيا، ولكن مصر قادرة على منافسة الجميع، بدليل فوز الشركات المصرية مؤخرا في مناقصة بناء السد التنزاني، سد “ستيجلر جورج” الذي فاز به تحالف مصري مكون من شركتين من القطاعين العام والخاص، والذي تغلب على شركات تنتمي إلى دول من عدة قوى إقليمية ودولية كتركيا والصين، على سبيل المثال.

وشدد أبوزيد على أن موقعنا ودورنا في القارة الإفريقية يعظم فرص الاستفادة من كوننا عضو في مبادرة مشروع طريق الحرير الصيني، حيث أعلن الرئيس الصيني في سبتمبر عام 2013 مبادرة جديدة تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعا إلى إعادة إنشاء شبكة الممرات البحرية القديمة لخلق طريق الحرير البحري لتعزيز الربط الدولي ودعم حركة التجارة، ووافق الرئيس المصري في يناير 2016 على انضمام مصر لشبكة طريق الحرير الذي تعتزم الصين إنشاءه ويمر عبر 65 دولة.

وشدد أبوزيد على أن أهمية طريق الحرير تكمن كونه تشترك فيه حتى الأن  125 دولة، حيث يبدأ طريق الحرير من الصين ويمر عبر باكستان وتركستان وخراسان وكردستان وسوريا إلى مصر ودول شمال إفريقيا مرورا بأوروبا، وستصبح مصر مركزا استراتيجيا واقتصاديا مهما في المنطقة والعالم وسيفتح الطريق أمامها لشراكات وتحالفات اقتصادية مهمة تجعلها دولة محورية وفاعلة في التجارة الدولية ومعبرا لمرور حركة التجارة من الصين لمختلف دول العالم.

وتابع الباحث في إدارة الأزمات: “تعتبر مصر طرف رئيسي في مبادرة الحزام والطريق بسبب موقعها الجغرافي الذي يجعلها قادرة على تقديم الخدمات اللوجيستية للشرق الأوسط وأفريقيا.

وتعد قناة السويس بوابة طريق الحرير البحري إذ أنها الممر الملاحي الرئيسي الذي يربط الشرق بالغرب، وبإفريقيا وخاصة شرق القارة.

ومن جانبه، أكد الباحث في العلاقات الدولية بهاء الدين عياد أن تحقيق المبادرة الصينية الجارية حاليا تنفيذها على الأرض، يعنى الربط الاقتصادي بين 4.4 مليار نسمة، ما يعادل 63% من سكان العالم، باستثمارات تصل إلى21 تريليون دولار، كما أنها نقلة نوعية لوضعية مصر على خارطة الاستثمار الدولية، لاسيما وأن مصر ستكون محور الربط بين قارتي أوروبا وأفريقيا، وستكون هي وباكستان خاصة بوابتي العبور بين أفريقيا وآسيا وخاصة جنوب القارة.

وقد ساعدت مبادرة الحزام والطريق في تعزيز التعاون بين مصر وباكستان حيث أوجدا آفاقا رحبا لهذا التعاون الراسخ سياسيا وعسكريا منذ عقود والذي لا يزال لا يرتقي للمستوى المطلوب على المستوى الاقتصادي، فعلى سبيل المثال تم عقد مؤتمر”الشراكة بين مصر وباكستان من أجل التحول الاقتصادي في ظل مبادرة الحزام والطريق” في القاهرة تحت رعاية وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع سفارة باكستان بالقاهرة ومعهد جنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة ساسي الباكستانية خلال شهر سبتمبر 2018، أي قبل عدة أشهر فقط، واستهدف المؤتمر تعريف مجتمع الأعمال المصري بفرص التعاون المشتركة وتسهيل إقامة شراكات بين الجانب المصري والباكستاني، في إطار الأهمية الكبرى التي تتمتع بها مصر وباكستان من حيث الإمكانيات الاقتصادية والموقع الاستراتيجي كبوابة للقارتين الأفريقية والأسيوية.

وتابع عياد مشيرا إلى فقرات من كتابه: “تلاقت البوابتين، مصر بوابة أفريقيا، وباكستان بوابة أسيا، خلال مؤتمر “قمة الحوار والتجارة: بناء شراكة من أجل التحول التجاري”، فمصر وباكستان تتمتعان بموقع جيواستراتيجي متميز وسط أهم المحاور التجارية العالمية وهو ما يفتح آفاقا جديدة للشراكة الاقتصادية، وتعتبر باكستان أن مشروع قناة السويس الجديدة ومنطقتها الاقتصادية تمثل بداية جديدة للتجارة العالمية، وتدعو إلى التعاون بين ميناء جوادر الباكستاني وقناة السويس لتحقيق المنافع الاقتصادية المشتركة، وخاصة في ضوء أهمية محور قناة السويس وتكامله مع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، حيث تعمل باكستان والصين يعملان على تعزيز التعاون من اجل العمل على الاستثمار في الممر الاقتصادي والتعاون مع دول ثالثة مثل مصر كجزء هام من هذا المشروع العملاق، فقناة السويس ومشروعها الاقتصادي يمثل جزء هام من طريق الحرير البحري، وهو المبادرة المرتبطة بالممر الاقتصادي بين الصين وباكستان “سيباك”.

وقد جاء التعاون المتنامي حاليا بين القاهرة وإسلام أباد في توقيت مهم لتعزيز أوجه الشراكة بين البلدين في إطار مبادرة الحزام والطريق، وخاصة أن قناة السويس المصرية وميناء جوادار الباكستاني من أهم الموانئ على طريق الحرير البحري، وهو ما يمثل فرصة هائلة لتعزيز سبل التعاون بين مصر وباكستان في مجالات التبادل التجاري.

و”أن كلا من مصر وباكستان تتمتعان بمزايا هائلة تمكن البلدين من تحقيق نمو وتكامل اقتصادي ضخم، حيث تشغل مصر موقع جغرافي متميز بين قارتي أسيا وإفريقيا وتقع باكستان في قلب قارة آسيا، ولذلك تسعي الحكومة المصرية لتعزيز التعاون مع باكستان، خاصة في مجالات الاتصالات والملاحة، والمجال المصرفي، والتأمين، وتكنولوجيا المعلومات والتجارة الدولية”، بحسب فصول الكتاب.

وفيما يلي جزء من النص: “في عام 2017 بلغ حجم التجارة بين البلدين 200 مليون دولار خلال عام 2017 بفائض تجاري لصالح مصر يصل إلى 30 مليون دولار.

وأشار وزير التخطيط الباكستاني مخدوم خسرو، إن مصر وباكستان تسعيان لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية، مؤكدا أن الاقتصاد المصري ينتظره مستقبل باهر لما يقدمه من بيئة استثمارية ملائمة.

وأشاد خسرو – خلال “قمة الحوار والتجارة: بناء شراكة من أجل التحول التجاري” بمشروع قناة السويس حيث أعتبره نموذجا للتحول الاقتصادي والتجاري.

وأشار إلى سعي بلاده للتعاون بين قناة السويس والمسارات التجارية في باكستان، موضحا أن باكستان تأمل في إقامة ممر تجاري مع مصر كما فعلت مع الصين والذي ساهم في زيادة حجم التجارة مع الصين إلى 50 مليار دولار.

وقالت ماريا سلطان، رئيسة معهد جنوب آسيا الاستراتيجي للاستقرار، إن المؤتمر يستهدف دعم التعاون الاستراتيجي بين باكستان ومصر في كافة المجالات، في إطار سعي البلدين لزيادة حجم التجارة الخارجية، موضحة أن مصر تملك قناة السويس أحد أهم المسارات التجارية في العالم، وتلعب دورا كبيرا في تعزيز التجارة العالمية، وأن البلدين لديهما إمكانيات تؤهلهما لتكونان مركزا اقتصاديا إقليميا.

بالإضافة إلى حديث السفير خالد ثروت مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية، عن العلاقات الدبلوماسية القوية والقيم المشتركة التي تجمع مصر وباكستان والتي تنعكس على التعاون بين البلدين والتنسيق بينهما في العديد من المنظمات والقضايا الإقليمية واللجان الوزارية المشتركة.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع في يناير 2018 على هامش اجتماع الجولة الحادية عشر للجنة التعاون العسكري المشتركة بين باكستان ومصر الذي انعقد في القاهرة، برئاسة كل من : وكيل وزارة الدفاع الباكستانية الفريق متقاعد/ضمير الحسن شاه، ومساعد رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية اللواء/مطيع أحمد.

وأوضح بيان نشرته وكالة الأنباء الباكستانية في إسلام آباد أن الجانبين بحثا خلال الاجتماع الاستقرار الإقليمي إلى جانب إجراء مناقشات مفتوحة وصريحة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقام الجانبان باستعراض تعزيز التعاون الثنائي في مجال الإنتاج الدفاعي والتدريب العسكري.

وقد سبق مذكرة التفاهم أيضا خلال 2016 الاتجاه نحو تعزيز التعاون في مجال التصنيع العسكري المشترك خلال زيارة وزير الإنتاج الحربي الباكستاني لمصر في ديسمبر 2016، حيث تم الاتفاق على تبادل للخبرات من خلال لجان فنية مُشتركة لإعطاء الدفعة المأمولة للعلاقات الاقتصادية بين مصر وباكستان، وناقش الجانبان أساليب التعاون المشترك بين البلدين وإمكانية استفادة الجيش الباكستاني من الأجهزة والمعدات الحديثة التي تصنعها الهيئة العربية للتصنيع، بالإضافة إلى الاطلاع على المجالات والمنتجات الأخرى منها الواح الطاقة الشمسية والمتجددة وسيارات الجيب والطائرات الحربية.

وقد جاءت زيارة وزير الإنتاج الحربي الباكستاني رانا تانور حسين، كثمرة للزيارة الناجحة لرئيس هيئة الأركان المُشتركة الباكستانية للهيئة العربية للتصنيع في شهر يناير 2016، لاستغلال الإمكانيات المُشتركة لتعميق القدرة الذاتية للإنتاج الحربي بين مصر وباكستان.

وتدعم باكستان دور الأزهر الشريف وخاصة في أفريقيا، حيث أن علاقة باكستان بالأزهر تسبق نشأة دولة باكستان وذلك عندما زار القائد  محمد على جناح  و أول رئيس وزراء لباكستان لياقت على خان القاهرة لتبادل الآراء مع شيخ الأزهر آنذاك فضيلة الشيخ مصطفى عبد الرزاق، كما أن آلاف من الطلاب الباكستانيين تخرجوا على مدار عقود من جامعة الأزهر العريقة، وتقوم جمعية خريجي الأزهر في باكستان بنشر رسالة السلام والتسامح التي يتبناها الأزهر، كما يوفد الأزهر العديد من أساتذته إلى الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد”.

سمير زعقوق

كاتب صحفي، وباحث في شئون شبه قارة جنوب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى