أخبار
كريستيان ساينس مونيتور: قرار ترامب حول الجولان.. ما الذي يعنيه لكشمير؟
نشر موقع “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكي تقريرا، طرح فيه قرار ترامب القاضي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان من وجهة نظر القانون الدولي، وتأثيرات ذلك على أوضاع بعض المناطق الأخرى المتنازع عنها، مثل كشمير وشبه جزيرة القرم.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن دونالد ترامب خالف 50 عاما من السياسة الخارجية الأمريكية، عندما أعلن في يوم الاثنين الماضي اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، المنطقة الاستراتيجية التي استحوذت عليها من سوريا في حرب 1967.
وقد تنوعت ردود الفعل حول هذا القرار، حيث رحب به حلفاء إسرائيل، فيما انتقده آخرون، معتبرين أنه يقوض أي أمل في انخراط الدول العربية في خطة السلام في الشرق الأوسط، التي قد يكشف عنها دونالد ترامب في الأسابيع المقبلة.
وأشار الموقع إلى أن هنالك رأيا ثالثا يعتبر أن هذا القرار هو مجرد حركة رمزية سياسية لا قيمة لها في نظر القانون الدولي، وهي تهدف فقط إلى تعزيز حظوظ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات المقبلة، المزمع إجراؤها في التاسع من أبريل.
وأكد الموقع أن هذا القرار مثل صدمة لكثيرين من حلفاء الولايات المتحدة والدبلوماسيين الأمريكيين وخبراء القانون الدولي، الذين يرون في قرار ترامب مزيدا من التآكل في النظام العالمي الذي تقوده واشنطن، والذي مثل الأساس لاستقرار العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ونقل الموقع عن إدوارد غولدبيرغ، الأستاذ في مركز الشؤون الدولية في جامعة نيويورك، تحذيره من أنه إذا أظهرت الولايات المتحدة استعدادها لتجاهل علوية القانون ومبادئها التي التزمت بها منذ الحرب العالمية الثانية، فإنه سيكون من حق الآخرين أيضا القيام بالأمر ذاته.
وأضاف غولدبيرغ: “إن مرتفعات الجولان قد تبدو مسألة صغيرة، لكننا ربما في يوم من الأيام سنلتفت إلى الخلف وننظر للجولان على أنها واحدة من القشات التي قسمت ظهر البعير”.
وأكد الموقع على أن هذه المسألة المتعلقة بالسابقة التاريخية التي يمثلها هذا القرار هي ما يشغل بال الكثيرين من المتابعين. حيث يقول وليام بيرنز، نائب وزير الخارجية السابق في الولايات المتحدة: “إن أكبر مشكلة يمثلها هذا القرار هي مسألة أنه كونه يمثل سابقة. إن القانون الدولي يشهد بعض التجاوزات من حين لآخر، ولكن، هنالك مبدأ أساسي وهام جدا في القضايا المتعلقة بالنزاعات الحدودية، وهو ضرورة التوصل إلى حل سلمي عبر المفاوضات”.
كما أكد بيرنز، الذي شغل أيضا منصب سفير في روسيا، أن” هذا النوع من القرارات سوف يستغله زعماء آخرون في العالم من أمثال فلاديمير بوتين، فكيف يمكن معارضة ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، بعد أن تم السماح للإسرائيليين باتخاذ قرار أحادي بضم الجولان؟”.
ويحذر خبراء كثيرون من أنه إذا كان من المقبول لإسرائيل ضم مرتفعات الجولان، فكيف يمكن منع الصين في يوم من الأيام من ضم تايوان، التي تعتبرها بيكين جزء من أراضيها؟ أو كيف يمكن منع باكستان من الاستحواذ على منطقة كشمير المتنازع عنها، التي كانت مؤخرا مسرحا لتجدد التوترات والاشتباكات بين باكستان والهند؟
ويضيف الموقع أن هذه الأمثلة هي مجرد فرضيات، ولكن من أجل أخذ فكرة كاملة على مدى التضارب الصارخ بين قرار ترامب حول الجولان والسياسات التقليدية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية، يجب فقط النظر إلى قرار الرئيس السابق جورج بوش، الذي أعلن الحرب ضد الرئيس العراقي صدام حسين، بعد قيام الأخير بغزو الكويت واحتلالها في 1990.
وأضاف الموقع أن حرب الخليج التي قادتها الولايات المتحدة حظيت بالدعم القانوني من خلال العديد من قرارات الأمم المتحدة، إلى جانب تحالف مكون من أكثر من 35 دولة، كلها اجتمعت على مبدأ أن انتزاع الأراضي عبر النزاع المسلح هو أمر غير مقبول، وإذا تم السماح بذلك، فإن أسلوب احتلال الأراضي في أوروبا وآسيا، الذي أدى لاندلاع الحرب العالمية الثانية، سيتكرر مرة أخرى.
وأشار الموقع إلى أن ردة الفعل الأوروبية كانت في غاية القلق، باعتبار أن زعماء القارة العجوز يعلمون تماما حجم الدمار الذي حدث في الماضي بسبب القرارات الأحادية واغتصاب أراضي الدول الأخرى وتغيير رسم الخرائط والحدود، ولذلك فإن الأوروبيين سارعوا إلى اعتبار قرار ترامب غير مقبول.
حيث أكدت وزارة الخارجية الفرنسية على أن هذا القرار يتعارض مع القانون الدولي، الذي يلزم الدول بعدم الاعتراف بالأوضاع غير القانونية. كما أعلنت الحكومة الألمانية رفضها لأي خطوات أحادية في هذا الملف، معتبرة أن تغيير الحدود الوطنية لا يتم إلا بالسبل السلمية بين الأطراف المعنية.
كما نقل الموقع عن بيرنز تأكيده أن إيران تنظر إلى الاعتراف الأمريكي بضم إسرائيل للجولان على أنه “هدية” بالنسبة لها، لأن طهران تسعى دائما لإيجاد أعذار لسياساتها، والاستفادة من احتلال إسرائيل لأراضي دول مجاورة.
ونقل التقرير عن أندريا كندال تايلور، الخبيرة في الشؤون الروسية في مركز واشنطن لأمن أمريكي جديد، قولها: “إن روسيا أيضا تحاول الاستفادة من هذه الخطوة لتبرير قرارها بضم شبه جزيرة القرم وتدخلها في أوكرانيا، وهي تسعى لإثبات أن الولايات المتحدة ليست القوة التي يمكن للعالم الاعتماد عليها.”
وأضافت كندال تايلور أن “بوتين يحاول الترويج لروسيا على أنها لاعب دولي مسؤول، مستعد للتصرف وفقا للقانون الدولي، على عكس الولايات المتحدة”.
“وسيكون بإمكان بوتين إضافة مسألة الجولان إلى سلسلة من القرارات الأمريكية الأخرى التي يتفق حولها الروس مع الأوروبيين وحتى الصينيين، من بينها الاتفاق النووي مع إيران، وتغيير المناخ، وهي مسائل تجد فيها واشنطن نفسها واقفة بمفردها”.