ثقافةكشمير

في ندوة بجامعة الأزهر: الأدب الأردي يغوص في أعماق قضيتي فلسطين وكشمير

ظلت قضيتا كشمير وفلسطين محور الأدب الأردي شعرًا ونثرًا منذ بدأت القضيتان قبل ما ينوف على قرنٍ من الزمان، وحتى وقتنا الحاضر، وكان الأدب الأردي في هذا الخصوص سخيًا إلى أبعد الحدود، فتناول القضية في كل أصناف النثر والشعر، بما يؤكد وقوف أهل الأردية جنبًا إلى جنب مع باق أبناء العالم العربي والإسلامي في صف الدفاع عن حقوق الشعبين وتحرير وطنيهما من المستعمر الغاشم، إسرائيل والهند.. ولذا وجدنا عددًا كبيرًا من القصص القصيرة والروايات، بل والمسرحيات الأردية تتخذ من قضيتي كشمير وفلسطين موضوعًا له، وربما كان الشعر الأردي أكثر تقدمًا في هذا المجال.. وعليه جاءت ندوة “فلسطين وكشمير في الآداب الشرقية” والتي عقدها قسم اللغة الأردية وآدابها بكلية اللغات الدراسات الإنسانية فرع البنات بجامعة الأزهر، تحت إشراف الأستاذة الدكتورة عفاف زيدان، رائدة الدراسات الشرقية بالجامعة، ود. هناء عبد الفتاح و د. ولاء عبد الستار منسقان، والدكتور إبراهيم محمد إبراهيم مقررًا عامًا، و د. تحية أبو شعيشع، رئيسًا.

إليكم وقائع الندوة

في البداية يقول الدكتور إبراهيم محمد إبراهيم، رئيس قسم اللغة الأردية بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر فرع البنات، إن ندوة هذا العام والتي جاءت بعنوان “فلسطين وكشمير في الآداب الشرقية” تأتي في وقت تحتاج فيه كشمير وفلسطين إلى تقديم الدعم، حتى بمجرد الكلمة، وعليه فقد ضمت ندوة هذا العام ما يزيد عن ثلاثين بحثًا؛ ما بين الأردية والفارسية والتركية، وأكثرها من الأردية، تقدم بها باحثون من الجامعات المصرية المختلفة، (جامعات الأزهر، والقاهرة، وعين شمس والمنصورة وطنطا) بالإضافة إلى أبحاث من جامعات باكستانية مرموق (جامعة البنجاب وجامعة بهاء الدين زكريا بالملتان، وكلية الدراسات العليا بمدينة بهكر، وكلية الدراسات العليا بنين بكشمير)، وكلها أبحاث في صلب الموضوع، تبرز قضيتي كشمير وفلسطين، وانعكاسهما في الآداب الشرقية.

فعاليات ندوة قسم اللغة الأردية وآدابها

الأديب الهندي عزيز أحمد

 

الدكتورة فوزية صالح أستاذ اللغة الأردية بآداب المنصورة ناقشت صورة كشمير في رواية (آگ)، أي (النار) للأديب الهندي عزيز أحمد (1914-1978) التي صور من خلالها حياة ثلاثة أجيال من أسرة واحدة عاشت في كشمير وتأثرت بالأحداث التي حدثت في كشمير، ومن خلال هذه الأسرة تناول عزيز أحمد العديد من الأحداث السياسية التي حدثت في الهند، وأيضًا في العالم، وكان لها أثر كبير على كشمير، كما تناول الكاتب الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والفكرية بكشمير في عصر تلك الأسرة، ولم يغفل عزيز أحمد تصوير طبيعة كشمير، حيث الجو المعتدل والأنهار والبحيرات والمروج الخلابة.

فلسطين وكشمير إلى أين؟

الدكتورة هناء عبد الفتاح، أستاذ اللغة الأردية بجامعة الأزهر، قالت في بحثها المعنون بـ(فلسطين وكشمير إلى أين؟)، هذه صرخة إلى المجتمع الدولي، متى نجد بواكي لقضيتي كشمير وفلسطين داخل جدران المحافل الدولية، وأضافت مر سبعة عقود وها نحن في العقد الثامن، ولم تلتزم الهند أو إسرائيل بقرار واحد من تلك القرارات التي صدرت في صالح شعب فلسطين أو كشمير.

فعاليات الجلسة الثانية

وأشارت إلى ما قاله جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء لكشمير، عندما سُئل عن، لماذا لم تتركوا شعب كشمير يقرر مصيره؟ رد من فوره، لو أجرينا استفتاءً فسيختار الكشميريون الانضمام إلى باكستان، ونحن لن نفرط في كشمير أبدًا.

كما أشارت عبد الفتاح إلى تجاهل وسائل الإعلام العالمية عامة والهندية خاصة، الممارسات القمعية التي تمارسها الهند في حق سكان ولاية كشمير.

كشمير في وسائل التواصل الاجتماعي

الدكتورة نهاد مصطفى محمود أستاذ مساعد بجامعة الأزهر، ناقشت في ورقتها (كشمير في وسائل التواصل الاجتماعي) ومدى انعكاس قضيتها في هذه الوسائل، وتتساءل، هل الاهتمام بقضية كشمير والحديث عنه مستمر أم يتواكب فقط مع اشتعال المناوشات في كشمير وعلى حدودها.

وتقول د. نهاد: الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي جوانب عدة وبأشكال متنوعة، فكشمير جنة الله في الأرض، بها مناطق ومناظر طبيعية خلابة، جعلها ملهمة للشعراء.

(كشمير في الأناشيد والأشعار الوطنية الأردية)

كان هذا عنوان البحث الذي تقدمت به الدكتورة بدرية محمد، المدرس بجامعة الأزهر، ويتناول البحث صور كشمير في نشيد كشمير لحفيظ جالندهر بعنوان (کشمير کاترانہ)، كما يقدم مأساة كشمير ومعاناة أهلها من خلال بعض الأشعار الوطنية التي ترسم صورة واضحة لكل فئات الشعب الكشميري.

الشاعر التركي الشيخ غالب،

كان لشعره دور كبير في إظهار الوجه الحضاري لكشمير، وكما تقول الدكتورة ريم محمد زكي المدرس بجامعة المنصورة، إن إحساس الشاعر التركي بـ”كشمير” بوجهها المعاصر عبر العصور كان إحساسًا غامضًا حينًا، وواضحًا حينًا آخر، لكن الإشكالية ظلت حاضرة، لأن اتصال الشاعر بـ”كشمير” هو اتصال، على أبديته، مسكون بالحيرة والقلق ومحاصر بالأسئلة، مما يمتنع معه الوصول المنهجي إلى قوانين ثابتة تؤطر الإشكالية.

الإرهاب الهندي مستمر

أما بحث الدكتورة بسنت محمد شكري، مدرس اللغة الأردية بجامعة طنطا، فتطرق إلى واحدة من مشكلات المجتمعات الإسلامية؛ وإنها قضية كشمير، تلك القضية التي تتزامن مع قيام دولة باكستان، وتشير بسنت إلى أن العالم كله يتجاهل ما يحدث للمسلمين في كشمير من تجاوزات وممارسات قمعية يقوم بها الجيش الهندي، وتضيف شعراء الأردية عمدوا إلى مناهضة الإرهاب الهندي المستمر في حق الشعب الكشميري.

القصة القصيرة الأردية

تميزت بقدرتها على استلهام الوقع والتحريض عليه من أجل تغييره، والتعبير عن هموم القطاعات الشعبية وتجسيد طموحاتها في الحياة والمستقبل السعيد، حسب دراسة د. بسمة عبد القادر، أستاذ اللغة الأردية بجامعة الأزهر، التي أضافت: تمكنت القصة الأردية القصيرة من معالجة قضية كشمير ذات الجرح الغائر؛ فناقش العديد من الأدباء في قصصهم جغرافية كشمير ذات الجمال الخلاب؛ فهي جنة الله في الأرض، وناقشت القضايا السياسية التي تئن بها البلاد، ورصدت المشكلات الاجتماعية التي تواجه أهل كشمير وغيرها.

أ.د. ظهور أحمد ظهر

 

المجموعة القصصية العربية (البحث عن مدفن) للكاتب الباكستاني الكبير د. ظهور أحمد ظهر، أحد أعلام العربية المخضرمين المعاصرين في شبه القارة الباكستانية الهندية وأبرزه، وحسب الدكتورة تبسم منهاس خبير اللغة الأردية بجامعة الأزهر، فإن المجموعة القصصية (البحث عن مدفن) هي أحدث ما كتبه د. ظهور، وتضم ست قصص متنوعة هي:

1- البحث عن مدفن. وهي تتحدث عن الألم الفلسطيني الذي يحمله بداخله كل مسلم يحب دينه، من خلال قصة الشاب الباكستاني (محمد علي) الذي بذل روحه في سبيل استقلال فلسطين وتحريرها.

2- العجل الذبيح.

3- نيران الثلوج. التي كان موضوعها (كشمير)، والتي أكدت على وقوف المسلمين جميعًا إلى جانب إخوانهم الكشميريين في كفاحهم المقدس لتحرير كشمير من براثن الاستعمار الهندي الظالم.

4- ثالث المجانين.

5- وكان اسمها على شفتيه.

6- وظل المصباح يضئ.

فعاليات الجلسة الثالثة

أنور مسعود

“كشمير في إبداعات أنور مسعود الشعرية” عنوان الدراسة التي أعدتها الدكتورة ولاء عبد الستار الأستاذ المساعد بجامعة الأزهر، تقول د. ولاء: أنور مسعود هو أحد أهم الشعراء الذين سيطر فكرهم ووجدانهم قضية كشمير، التي يعتبرها قضية مبدأ، فقد تحدث عن مأساة الشعب كشميري المجاهد، كما انتقد تراخي ومماطلة المجتمع الدولي في حل قضية كشمير نقدًا لاذعًا، مؤكدًا حق الشعب الكشميري في تقرير مصيره.

كشمير وفلسطين.. وجهان لعملة

الباحث أحمد السيد رضوان، المدرس المساعد بقسم اللغة الأردية بكلية اللغات والترجمة، فقد تقدم ببحث تحت عنوان “كشمير وفلسطين.. وجهان لعملة واحدة.. دراسة وثائقية في ضوء المصادر الأردية والعربية”، يقول الباحث: إن قضية كشمير من أكثر القضايا شبهًا بالقضية الفلسطينية؛ فهناك قوة احتلال ذات طابع استيطاني ترفض الاعتراف بحق أهل البلاد الأصليين في الحرية والاستقلال، وهناك قوة تحرير وطني يقودها المجاهدون لانتزاع حقهم في تقرير المصير، وإعادة بلادهم المغتصبة، وهناك إعلان للجهاد منطلق إسلامي لاستعادة الحقوق المشروعة للشعبين من القوى الاستعمارية.

ويضيف رضوان منذ زوال الحرب العالمية الثانية، عانى الكشميريون والفلسطينيين من أزمات ومشاكل عديدة وقضايا شائكة؛ تمثلت في الاعتداءات الغاشمة من الهندوس ضد المواطنين العزّل في كشمير، وكذلك السطو المسلح الغادر من الاحتلال الصهيوني على أهل فلسطين، وعليه فقد واجه الاحتلالين مقاومة قوية من الشعبين الكشميري والفلسطيني.

المرأة الكشميرية بين المعاناة والكفاح

“المرأة الكشميرية بين المعاناة والكفاح في ضوء القصة القصيرة الأردية (دراسة تحليلية لنماذج مختارة) للباحث حجازي ربيع مدرس اللغة الأردية المساعد بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، يقول حجازي في بحثه، تعد القصة القصيرة الأردية من أشهر الأصناف الأدبية التي تعبر عن قضايا الفرد والمجتمع ومشكلاته، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.

ويضيف، شغلت قضية كشمير كثير من كتاب القصة القصيرة؛ فأفسحوا لها المجال في قصصهم، وأبدع كل منهم في تناوله للقضية.. وسلطت القصة القصيرة الأردية الضوء على مأساة المرأة الكشميرية المسلمة وما تعرضت له من مآسٍ.

سمير زعقوق

كاتب صحفي، وباحث في شئون شبه قارة جنوب آسيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى